█ كتاب رمضان 24 مجاناً PDF اونلاين 2024 مجمع لبعض القصص النبوية وسير الصحابيات
❞ غيرة عائشة
تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد.
أحب النبي محمد عائشة أكثر من نسائه، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ».
ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟»
فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟».
فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ».
وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟
قَالَ: ˝إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ˝».
كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ.
قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا».
فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.»
فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ».
وكما كانت عائشة تغير من أزواج النبي، كُنّ كذلك يغرن منها. أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ»
فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»
فقالت: «بَلَى»
فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ».
فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر».
وفي موقف آخر، غارت عائشة من مكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش التي كانت تسقيه عندها العسل، فتواصت هي وحفصة عند دخول النبي محمد على أي منهما أن تقل له: «إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ»، فقال: «لا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ».
فنزل الوحي بآية:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير، أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية (أم ولده إبراهيم) في غرفة زوجته حفصة في يوم عائشة، فغضبت حفصة وقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ مَا جِئْتَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي عَلَى فِرَاشِي»
فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟»
فقالت حفصة: «بَلَى»
فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ» فذكرته لعائشة. فنزلت فيهما لنهيهما عن الخوض في هذا الأمر.
آية:( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
حادثة الإفك
خرجت عائشة -رضيَ الله عنها- مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوةِ بني المُصطلق، كما جاء في حديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي)
وكان ذلك بعد أن فرض الله -تعالى- الحجاب على النّساء، وفي طريقِ العودة من الغزوة نزلت من هودجها لحاجةٍ ما، ولمَّا عادت إلى الهودجِ تفقّدت عقدها فلم تجده، فرجعت للبحثِ عنه، وفي أثناءِ ذلك حَمل الرّجال الهودج ووضعوه على البعيرِ وهم يعتقدون وجودها داخله؛ لِخفّتها وصِغر سِنِّها، ومضى المُسلمون تاركينها وراءهم في الصّحراء، فلمَّا وجدت عقدها ورجعت إلى مكانِ تجمُّع الصّحابة الكرام لم تجد أحداً.
وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش).
وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وهو الإفك الذي أثير حولها، وهي منه بريئةٌ، ومعنى الإفك الكذب والافتراء، فكان هذا كذباً لا أساس له ولا استبيان.
عندما وصل المسلمون المدينة، مرضت عائشة -رضي الله عنها- مرضاً شديداً أقعدها في فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يُقال عنها، إلّا متأخّراً بعد شفائها، لكنّها كانت تشعر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت عائشة الأخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها خرجت مع أمّ مسطحٍ لحاجتهما، وبينما هما تمشيان إذ عثرت أم مسطح بثوبها، فقالت: تعس مسطح، فقالت لها عائشة: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: أولم تسمعي ما قال مسطح فيك؟ فقالت: لا والله، فأخبرتها بخبر الحادثة، ولم تكن تعلم به من قبل، فقالت أنّها ازدادت مرضاً إلى مرضها، وعرفت ما كان.
حال عائشة بعد معرفتها الخبر
حين عملت عائشة -رضي الله عنها- بما قيل فيها، استأذنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تمرَض في بيت أهلها، فأذن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدتها ووالدها، فأخبرتها والدتها بكلّ ما كان، فتقول عائشة أنّها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكيةً لا تدري ما تفعل، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وهو في تلك الحال أيضاً قد تأخّر عنه الوحي، فشاور أصاحبه فيما يفعل، هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها، ثمّ صعد إلى منبره، فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي)،
فضجّ الناس؛ كلٌّ يريد أن يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله وقد أهمّه ما أهمّه.
وأمّا عائشة -رضي الله عنها- فلا تزال على حالها لا تسكن لها دمعة. ظلّت عائشة على هذا الحال ليلتين أُخريين حتى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندها، يقول لها: (أمّا بعد، يا عائشة، إنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف ثمّ تاب، تاب الله عليه)، فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلّص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إنّي والله لقد علمت:
(إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} [يوسف]
وقالت ذلك وهي تعلم بداخلها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها.
ثمّ اضطجعت على فراشها تبكي.
نزول براءة السيدة عائشة
أنزل الله -تعالى- في كتابه الكريم آياتٍ تُبرّئ السيّدة عائشة -رضي الله عنها-؛ جزاءً على صبرها وتوكّلها على اللهِ -تعالى-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول في نفسها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها، ولكنَّها قالت: (ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى)، فكانت ترى نفسها أقلّ شأناً من أن يتكلّم الله -عزّ وجلّ- بأمرها في قرآنٍ يُتلى إلى قيام الساعة، وتوقّعت تبرئتها برؤية النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ذلك في المنام.
ولمَّا نزل الوحي ببراءةِ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، ذهبَ النبيّ -عليه السلام- إليها، وقالَ لها: (أبشري يا عائشة! أمَّا الله فقد برّأك)
وأنزلَ اللهُ -تعالى- عشر آياتٍ من سورة النور في تبرئتِها، وبدأت بقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)،
إلى قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فقد بيَّنت الآيات بشكلٍ واضحٍ وصريح براءة السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- ممَّا اتَّهمهُ بها أصحابُ الإفك، فطلبت أُمّ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- منها أن تقوم وتشكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقالت: لا أحمدُ إلَّا الله؛ ممَّا يدلُ على صفاءِ عقيدتها، وإيمانها وتوكّلها على اللهِ -تعالى.
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال.
فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
هكذا نزل جبريل -عليه السّلام- بآياتٍ ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وانتهى الابتلاء الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزى . ❝
❞ *ملخص الدرس الرابع*
_________
✍ *المسألة الثالثة* :
◼️ *ما يكره و يحرم من الصيام* -:
1- *يكره إفراد شهر رجب بالصيام لماذا؟*
ج. لأن ذلك من شعائر الجاهليه و قد كانوا يعظمون هذا الشهر.
______________
*س. هل يجوز صيامه مع غيره؟*
-ج. نعم لأنه لا يكون حينئذ مخصصاً له بالصيام.
-روى *احمد بن خرشة بن الحر*
قال:رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف المترجبين ،حتى يضعوها فى الطعام و يقول:
˝كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية.˝
________________
س/ *متي يستحب الصيام فى شهر رجب؟*
ج.إذا كان دون تخصيص وصامه لأنه من الأشهر الحرم لحديث النبى للصحابى ˝صم من الحرم واترك˝
_______________
متى يكره صيام رجب و متى لا يكره؟
ج. إن خص رجب لكونه رجب يُكره.. و إن خصه لأنه من الأشهر الحرم لا إشكال.
2-كره إفراد يوم الجمعة بصيام.
-لقوله صلى الله عليه و سلم ˝ لا تصوموا يوم الجمعة ، إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده .˝
______________
س/ *ماذا يستثنى من صيام رجب* ؟
1-يثتثني إذا صام يوما قبله او بعده للحديث السابق.
2- و من كان يصوم يوما و يفطر يوما .لانه لم يتعمد افراده لحديث أبى هريرة ˝لا تخصوا ليلة الجمعةبصيام و لا يوم الجمعة بصيام إلا فى صوم يصومه أحدكم.˝
3- إفراد يوم السبت بصيام-:
لقوله صلى الله عليه و سلم ˝لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم˝
⬅النهى عن إفراده و تخصيصه بالصيام.
______________
س/ *متي يكون صيامه لا كراهة فيه* ؟
*ج.1-* اذا ُضم لغيره .لقوله صلى الله عليه و سلم لأم المؤمنين جويرية و قد دخل عليها يوم الجمعه و هى صائمه :˝أصمت أمس˝ قالت:لا. قال :˝تريدين أن تصومى غدا؟˝قالت :لا. قال ˝فأفطري. ˝
دل قوله صلى الله عليه و سلم ˝تريدين أن تصومى غدا ˝على جواز صيام السبت مع غيره.
2- لو حد صادف معه يوم السبت لا بأس .
_________________
*حد كان بيصوم (3أيام) من كل شهر فلقى يوم السبت مناسب معاه ما حكمه؟*
ج. فيها خلاف كلام الإمام الترمذى رحمه الله عقب إخراجه حديث النهى الماضي :
و معنى الكراهية فى هذا️️⬅️
أن يخص الرجل يوم السبت بصيام؛لأن اليهود يعظمون يوم السبت⤵˝
⬅قول جيد إختاره الإمام ابن تيميه و ابن القيم و العالمه ابن حجر.
كلام الإمام الترمذى بيقول ينفع.
⬅بعض العلماء قالوا يكره إلا إذا كان يوم و يوم.
_____________
4- تحريم صيام يوم الشك
( *هو يوم الثلاثين من شعبان* ) :-إذا كان فى السماء ما يمنع رؤية الهلال فإن كانت السماء صحواً فلاشك.
________________
*ما هو دليل تحريمه؟*
ج. حديث عمار رضى الله عنه قال: ˝من صام اليوم الذى يشك فيه فقد عصي أبا القاسم˝
______________
س/إذا كانت الرؤية واضحة ما حكم صيام الثلاثين؟
*ج. إذا صامه الإنسان على أنه يوم من شعبان لا بأس بذلك)و الأفضل ألا يفعل ( لكن لا يحرم*.
*أما إذا صامه) كورٍد له( مثل صيام يوم و يوم..أو اثنين و خميس لا كراهة و لا تحريم فى صيامه*.
______________
إذا كانت الرؤية غير واضحه ما الحكم؟
إذا صامه احتياطى خوفاً من كونه من رمضان ⬅ *لا يجوز* لأن العبادة لا تتم إلا بيقين و حتى لو تبين
بعد ذلك و خلص رمضان و طلع 28يوم هنقضي اليوم بعدها.
نُهينا عن التكلف.
____________
ما الذى يثتثنى من الصيام اذا كانت الرؤية غير واضحه؟
ج. يثتثنى من ذلك القضاء و النذر اذا كان حد عليه قضاء و اليوم دا اللى هيكمل اللى باقيله . أو لو حد نذر
يصوم 6ايام مثال من شعبان و دا اليوم اللى هيكملهم.
5 -يُحرم صوم يومي العيدين
لحديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه ˝نهى النبى صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الفطر و النحر˝ و لحديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال ˝هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم و اليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم˝
📍 *في الفطر العيد يوم واحد*.
📍 *فى الأضحى العيد 3 أيام*.
6- كره صوم أيام التشريق.
_______________
س/ *ما هي أيام التشريق* ؟!
هى ثلاثة أيام بعد يوم النحر: الحادى عشر و الثانى عشر و الثالث عشر ، لقوله صلى الله عليه و سلم ˝أيام أكل و شرب و ذكر الله عز وجل .˝
_____________
س/ *لمن رخص صيام أيام التشريق* ؟
ج. رخص فى صيامها للمتمتع و القارن إذا لم يجد ثمن الهدى.
📍 *المتمتع الذى يعتمر ثم يحج*.
📍 *القارن الى بيحج و يعتمر*.
دى ميزه اخدوها ⬅هو لازم يقدم هدى.
إذا لم يمتلك ثمنه يصوم 3ايام فى الحج و لو ضاق الوقت ممكن يصوم آيام التشريق و سبعة بعد الرجوع.
#يتبع . ❝
❞ (ميمونة بنت الحارث)
هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله.
نسب ميمونة بنت الحارث
هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية، أمها: هند بنت عوف بن زهير
وهند بنت عوفٍ هي أيضا أم زينب بنت خزيمة الهلالية زوج النبي محمد. وقد كان يقال: أكرمُ أصهار عجوزٍ في الأرض هندُ بنت عوف.
زواج ميمونة بنت الحارث من رسول الله
لما تأيَّمت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- عرضها العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم في الجُحْفَة، فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى بها بسَرِف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة سبع للهجرة (629م) في عمرة القضاء. وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وقد أصدقها العباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم، وكانت قَبْلَه عند أبي رُهْم بن عبد العزى؛ ويقال: إنها التي وَهَبَتْ نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله. فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [االأحزاب]
وكانت -رضي الله عنها- قريبة من رسول الله، فكانت تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد.
الحكمة من زواج النبي من ميمونة بنت الحارث
لقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة ميمونة -رضي الله عنها- مصلحة عُلْيَا، وهي أنه صلى الله عليه وسلم بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا.
ميمونة بنت الحارث في بيت النبي
وبانضمام السيدة ميمونة -رضي الله عنها- إلى ركب آل البيت، وإلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لها -كما لأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن- دور كبير في نقل حياة رسول الله إلى الأُمَّة، كما قال الله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب].
قال البغوي: قوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} يعني: القرآن، {وَالْحِكْمَةِ}
و قال قتادة: يعني السُّنَّة.
وقال مقاتل: أحكام القرآن ومواعظه.
ومن ثَمَّ كانت أُمَّهات المؤمنين تنقل الأحكام الشرعية بدقَّة بالغة، فنجد الأحاديث التي يُذكر فيها الغسل والوضوء وما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في نومه واستيقاظه ودخوله وخروجه، وما كان أحد لينقل هذه الأمور كلها بهذه الدقَّة إلاَّ أُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ وذلك نظرًا لصحبتهن الدائمة للرسول صلى الله عليه وسلم.
مكانة ميمونة بنت الحارث
كان للسيِّدة ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- مكانتها بين أُمَّهات المؤمنين؛ فهي أخت أُمِّ الفضل زوجة العباس، وخالة خالد بن الوليد، كما أنها خالة ابن عباس.
ورُوي لها سبعة أحاديث في ˝الصحيحين˝، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة، وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.
وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ˝.
وفاتها
وبعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ظلت السيدة ميمونة تعيش لحظات الحنين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أنها أوصت بدفنها في نفس المكان الذي بنى بها فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وتوفيت بعد عودتها من الحج بسرف، في الموضع الذي زفت فيه إلى النبي محمد، ويقع على طريق المدينة المنورة - مكة المكرمة قبل الوصول إلى مسجد التنعيم بعشرة كيلومترات، ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك سنة 51 هـ وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس.
تقول عنها عائشة: ˝ ذهبت والله ميمونة.. أما إنها كانت من أتقانا الله وأوصلنا للرحم ˝.
فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن ، وتوفيت منهن اثنتان في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهما : خديجة ، وزينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، وتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التسع البواقي من غير خلاف بين أهل العلم .
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝