نوع القطع: متوسط
دار النشر: ديوان العرب
عدد الصفحات: ١٤٠
سنة النشر: ٢٠٢٢
نوع الرواية: اجتماعي وطني
أن تجد رسالة من أحد أجدادك القدامى قبل عديدٍ من الأعوام يعتبر حلم الجميع، لكن ماذا تتمنى أن يكون فحوى تلك الرسالة، هذا ما أجاب عليه الكاتب في هذه الرواية فقد أخذنا إلى هناك حيث يرقد المستقبل، أسكننا في ذلك الكون المفعم بالتكنولوجيا، التطور، والازدهار، ثم بخفة يد أخذ يمارسها على شغفنا سحبنا إلى حيث نحن الآن ذاكراً كل الأحداث التي مررنا بها في الآونة الأخيرة من ثورات ونهضات دول وسقوط أخرى والأوبئة التي انتشرت وغيرها من الأمور. وخلال ذلك سلط الضوء على قضايا اجتماعية مهمة كالميراث، تقبل فكرة الحب المتزوجة من عدمه، طرق أبواب المشعوذين لقضاء الحوائج وترك باب الله، استصلاح الأراضي البور للزراعة، وكان حكيماً جدا في المقارنة بين العلاقات الاجتماعية الآن وبينها في المستقبل.
رواية قوية ستركض كثيرا وستلهث كثيرا من الهروب، الملاحقة، حروب الذات، جلد النفس وخطايا الآخرين، وغيرها...
الغلاف: يحكي الغلاف جزء مهم من قصة الرواية فكان مقارناً بين ما بعد مئة عام حيث يوسف الحفيد وسيارته الحديثة التي تنتظره وجفاء الطبيعة من حوله لأن التكنولوجيا ستفقدنا متعة الإحساس بالحيوات الأخرى من حولنا، وبين ما قبل مئة عام حيث العمارة التي كان يقطنها يوسف الجد والأشجار الوارفة والدفء الذي كان موجود في ذلك العهد.
العنوان: صريح لا غموض فيه رغم الجذب الذي سيقدمه للقارئ النهم الباحث عن خبايا الأسطر الذي سيتوقف لمعرفة ماذا سيحدث بعد مئة عام.
الإهداء: كان جميلاً قدمه البطل بنفسه إلى من يخفي سراً بداخله قد يقوده البوح به نحو الهلاك، إهداء مبطن يحمل الكثير من التأويل.
بداية الرواية: ينثر في مقدمة الرواية بضع سطور تلخص بطريقة عبقرية عبر وعظات نستفيدها منها، بل هي مسلمات إن صح التعبير يجب علينا أخذها بعين الإعتبار.
أسماء الشخصيات: البطل يوسف وُفق تماماً في اختيار اسم البطل فهو كيوسف نبي الله _مع فارق التشبيه_ جماله الأخّاذ أوقع النسوة في حين، وها هي حنان المرأة المتزوجة التي أخذت الكثير من صفات اسمها تقع في شرك حبه رغم ظروفها ورغم حالتها.
الإسقاط: ظهر الإسقاط بوضوح تام في موضعين، الأول: اللوحة التي رسمها وربطت بين مصر والبطلة. الثاني: في لحظة رضوخ يوسف لإغراءات حنان وسقوطه أمام جبروتها سقطت مصر أمام الثورة.
التناص: ورد كثيراً وكان بالغالب اقتباسات من القرآن الكريم والسنة النبوية لتدعيم الموقف وإثرائه، ولو أنني أرى التقليل منها في بعض المواضع.
لغة الكاتب: قوية، تنوع عرض الرواية بين السرد والحوار ولم ينسى أن ينثر على ضفاف القضايا الاجتماعية دلائل من القرآن والسنة.
الموسيقى: تنوعت بين موسيقى داخلية تنم عن صراع داخلي يؤرق بال يوسف ويقض مضجعه، وموسيقى خارجية تمثلت في صراخ، تفجير، قتل، صمت غامض مدقع اضطر إليه البطل والآخرون حينما قُتل قُبض على والده أمام عينيه أثناء أحداث الثورة من قِبل إحدى المجموعات( (البلطجية)، تردد صوت تلك السيدة على مسامع يوسف بين الفينة والأخر ، الرواية تضج بالموسيقى التي تناسيت مع تصاعد الأحداث.
الحبكة: قوية تمثلت في وصول الأحداث للذروة بين يوسف وتلك السيدة.
النهاية: ملائمة جداً وأراها منصفة تماماً.
اقتباس من الرواية:
كلما كثرت فسدت.
كلما زاد العلم تاهت المعالم.
إذا زاد عدد عائلتك ال تفرح
فكلما زاد العدد قل المدد.
نعيش نتساءل عن النهاية
رغم أن كل شيء يقودك إلي
❞ حدّثتنا جدتي يوماً أنه في إحدى ليالي الشتاء الباردة اجتمع الحاضرون حول موقدِ النار يستمدون منه الحرارة، ويستمد منهم طيب الحديث كعلاقةٍ تكافلية. من بين الجالسين كان صديق قديم لجدي خالط الكدر والضيق ملامح وجهه، وبدأ عليه الأسى، وحين سأله جدي عن السبب، بكل تذمرٍ ذكر ما قد نسى، أخذ شهيقاً عميقاً وصدحَ أنه قد خانه صديقٌ له في تجارته، سرقَ ماله وتركَ له الديون، وهاجر دون أن تراه العيون.
هوّن الجالسون عليه عُسر حاله، وضيق صدره وقلةَ ماله، وقالت جدتي: ˝لا تحزن يا ولدي على مالٍ ذهب، بل احزن على صديقٍ سرق ثقتك ونهب˝، وأردفت تحكي قصةً تُريح بها أنينَ قلبه، وتخفف من وقع نبضه، فقالت: ˝يُروى أنه في تلكَ الأزمان، عاشَ تاجرُ أقمشةٍ في حي الرمان، ذاعَ صيته في كل مكان، وحظيت أقمشته برضا السلطان.
تاجرٌ فذٌ ذو عقلٍ رصين، بالحنكةِ يعمل وللخبرة هو فطين،
لا يعرفُ للغش باباً، يبيعُ أجودَ الأقمشةِ بسعرٍ ثمين، ويبيعُ رديئها بثمنٍ بخسٍ للسائلين، ليسَ غريباً عليه فقد كان اسمه أمين.
يأتيهِ الأمراءُ من كل حدبٍ وصوب، ويطرقُ بابه من يريدُ أن يمتازَ بأجملِ ثوب.
وفي إحدى الأيام زار حي الرمان شابٌ يبحثُ عن عملٍ يقتاتُ منه لقمةً حلال، دلّهُ الناسُ على دكانِ أمين التاجرِ طيبِ الخصال.
أُعجبَ أمين بشغفِ الشابّ الغريب، وقرر تعليمه المهنة دونَ ترددٍ منه أو ترهيب.
كان الشاب مجتهداً دؤوباً، يستيقظُ باكراً ينظفُ الدكان، وينتظرُ بابتسامته الجميلة قدوم الزبائن، بكلامه المعسول جذبهم للبضاعة، وبشكله المقبول راقت لهم نصائحه حول الباعة.
استطاعَ الشاب خلالَ فترةٍ وجيزة تعلم المهنة، فجمعَ نقوداً لفتح دكانه الخاص، وكان سعيداً جداً لإخبار رب عمله التاجر أمين بذلك ليفرح لفرحه، وما أن هلَّ التاجرُ أمين بوقاره وشخصه الرزين حتى أخبره الشاب بتلك البشرى السارة، فرح أمين ودعا له الله بالتوفيق.
بعدَ أسبوعٍ افتتح الشاب محله في مكانٍ بعيد عن دكان التاجر أمين، وبفضلٍ من الله زادت تجارته وبارك الله له بها. زارهُ التاجرُ أمين يوماً فأخذته الغبطة وزارَ قلبه الحسد عندما رأى الحياة التي تضج بدكان الشاب حتى أنه رأى الكثير من زبائنه يترددون على الدكان وقد ألقوا عليه أطيب السلام.
غادرَ الدكان طالباً من الشاب أن يأتي لبيته ليحادثه في أمرٍ هام، وعد الشاب بالحضور في الموعد بالتمام.
حينما أغلق الشاب دكانه، قصدَ بيت التاجر أمين ليرى ما خطبه لمَا أراد إتيانه.
طرق الباب، دخل البيت، وجلس برفقة التاجر أمين، بدأ حديثه بالجمائل الكثيرة التي أنعم بها عليه، فهو من علمه المهنة، وهو من كبّره وأعلا من شأنه، لم يفهم الشاب ما جدوى التمنن وما مقصد كلامه عن التحنن؛ فسأله عن مبتغاه، أجابه: ˝أريدُ منك أن لا تبيع زبائني وإن أتوك ردهم إليّ، احتفظ بزبائنك الجدد، واترك البقية فهم زبائني!˝،
استغرب الشاب من هذا الكلام المريب، وطفقَ يشرح له أن الرزق من الرب الرزاق المجيب، فانظر إلى الدكاكين متشابهة السلع تلتصق ببعضها بعضاً، والله يرزق من يشاء بغير حساب، قد يأتي زبائني إليك وقد يأتي زبائنك إليّ، الأمر سيّان يا سيدي والرزق على رب منّان.
لم يعجب التاجر أمين الكلام وأنهى حديثه وخرج الشاب حائراً في أمره مما سمع.
في صباح اليوم التالي أخذ التاجرُ أمين يمشي بين الناس ذاماً بضاعة الشاب، يذكر مساوئها ويتلذذ في قتل مزاياها.
يوماً بعد يوم زادَ حقده على الشاب، وزادت أفكاره في تشويه سمعته، ولكن الله كان أكرم فقد كان بالسر عليم، خرج من بيته أمين واقفاً على رجليه، قاصداً دكانه، وفجأة انهارت قواه وسقط وسط السوق وأضحى ميتاً دون حراك. جنى على نفسه كما جنت على نفسها براقش، مات ولم يحصد من رزق الشاب ولا حتى قيدَ أنملة˝ .
أنهت جدتي قصتها وقالت: ˝لا تخشَ من خانك وللسوءِ أردفك، بل اخشَ رباً في السماء ما نسيَك يوماً وبين العباد أنصفك˝. ❝ ⏤أريج دكه الشرفا
❞ حدّثتنا جدتي يوماً أنه في إحدى ليالي الشتاء الباردة اجتمع الحاضرون حول موقدِ النار يستمدون منه الحرارة، ويستمد منهم طيب الحديث كعلاقةٍ تكافلية. من بين الجالسين كان صديق قديم لجدي خالط الكدر والضيق ملامح وجهه، وبدأ عليه الأسى، وحين سأله جدي عن السبب، بكل تذمرٍ ذكر ما قد نسى، أخذ شهيقاً عميقاً وصدحَ أنه قد خانه صديقٌ له في تجارته، سرقَ ماله وتركَ له الديون، وهاجر دون أن تراه العيون.
هوّن الجالسون عليه عُسر حاله، وضيق صدره وقلةَ ماله، وقالت جدتي: ˝لا تحزن يا ولدي على مالٍ ذهب، بل احزن على صديقٍ سرق ثقتك ونهب˝، وأردفت تحكي قصةً تُريح بها أنينَ قلبه، وتخفف من وقع نبضه، فقالت: ˝يُروى أنه في تلكَ الأزمان، عاشَ تاجرُ أقمشةٍ في حي الرمان، ذاعَ صيته في كل مكان، وحظيت أقمشته برضا السلطان.
تاجرٌ فذٌ ذو عقلٍ رصين، بالحنكةِ يعمل وللخبرة هو فطين،
لا يعرفُ للغش باباً، يبيعُ أجودَ الأقمشةِ بسعرٍ ثمين، ويبيعُ رديئها بثمنٍ بخسٍ للسائلين، ليسَ غريباً عليه فقد كان اسمه أمين.
يأتيهِ الأمراءُ من كل حدبٍ وصوب، ويطرقُ بابه من يريدُ أن يمتازَ بأجملِ ثوب.
وفي إحدى الأيام زار حي الرمان شابٌ يبحثُ عن عملٍ يقتاتُ منه لقمةً حلال، دلّهُ الناسُ على دكانِ أمين التاجرِ طيبِ الخصال.
أُعجبَ أمين بشغفِ الشابّ الغريب، وقرر تعليمه المهنة دونَ ترددٍ منه أو ترهيب.
كان الشاب مجتهداً دؤوباً، يستيقظُ باكراً ينظفُ الدكان، وينتظرُ بابتسامته الجميلة قدوم الزبائن، بكلامه المعسول جذبهم للبضاعة، وبشكله المقبول راقت لهم نصائحه حول الباعة.
استطاعَ الشاب خلالَ فترةٍ وجيزة تعلم المهنة، فجمعَ نقوداً لفتح دكانه الخاص، وكان سعيداً جداً لإخبار رب عمله التاجر أمين بذلك ليفرح لفرحه، وما أن هلَّ التاجرُ أمين بوقاره وشخصه الرزين حتى أخبره الشاب بتلك البشرى السارة، فرح أمين ودعا له الله بالتوفيق.
بعدَ أسبوعٍ افتتح الشاب محله في مكانٍ بعيد عن دكان التاجر أمين، وبفضلٍ من الله زادت تجارته وبارك الله له بها. زارهُ التاجرُ أمين يوماً فأخذته الغبطة وزارَ قلبه الحسد عندما رأى الحياة التي تضج بدكان الشاب حتى أنه رأى الكثير من زبائنه يترددون على الدكان وقد ألقوا عليه أطيب السلام.
غادرَ الدكان طالباً من الشاب أن يأتي لبيته ليحادثه في أمرٍ هام، وعد الشاب بالحضور في الموعد بالتمام.
حينما أغلق الشاب دكانه، قصدَ بيت التاجر أمين ليرى ما خطبه لمَا أراد إتيانه.
طرق الباب، دخل البيت، وجلس برفقة التاجر أمين، بدأ حديثه بالجمائل الكثيرة التي أنعم بها عليه، فهو من علمه المهنة، وهو من كبّره وأعلا من شأنه، لم يفهم الشاب ما جدوى التمنن وما مقصد كلامه عن التحنن؛ فسأله عن مبتغاه، أجابه: ˝أريدُ منك أن لا تبيع زبائني وإن أتوك ردهم إليّ، احتفظ بزبائنك الجدد، واترك البقية فهم زبائني!˝،
استغرب الشاب من هذا الكلام المريب، وطفقَ يشرح له أن الرزق من الرب الرزاق المجيب، فانظر إلى الدكاكين متشابهة السلع تلتصق ببعضها بعضاً، والله يرزق من يشاء بغير حساب، قد يأتي زبائني إليك وقد يأتي زبائنك إليّ، الأمر سيّان يا سيدي والرزق على رب منّان.
لم يعجب التاجر أمين الكلام وأنهى حديثه وخرج الشاب حائراً في أمره مما سمع.
في صباح اليوم التالي أخذ التاجرُ أمين يمشي بين الناس ذاماً بضاعة الشاب، يذكر مساوئها ويتلذذ في قتل مزاياها.
يوماً بعد يوم زادَ حقده على الشاب، وزادت أفكاره في تشويه سمعته، ولكن الله كان أكرم فقد كان بالسر عليم، خرج من بيته أمين واقفاً على رجليه، قاصداً دكانه، وفجأة انهارت قواه وسقط وسط السوق وأضحى ميتاً دون حراك. جنى على نفسه كما جنت على نفسها براقش، مات ولم يحصد من رزق الشاب ولا حتى قيدَ أنملة˝ .
أنهت جدتي قصتها وقالت: ˝لا تخشَ من خانك وللسوءِ أردفك، بل اخشَ رباً في السماء ما نسيَك يوماً وبين العباد أنصفك˝ . ❝
❞ المجموعة القصصية حدثتني جدتي
للكاتبة أريج دكه الشرفا
قبل أن تبدأ رحلتك مع هذا الكتاب الذي كُتب بقلم فلسطيني أصيل، تعبر الحدود بقطار يقوده القلم، تجتاز معبر رفح دون أوراق رسمية أو تصاريح عبور رغم أنف المعتدين والعابثين بتاريخ بلادنا، لا تنس أن تحمل معك حلم الشعوب العربية أجمعين.
بمجرد تأملك للغلاف ستذهب بخيالك لتجلس بين قدمي تلك الجدة الفلسطينية التي ستروي لك قصص برائحة خير تلك الأرض الصامدة، استنشق ربيع بلادنا وجمالها بلا خريف، تلك الرائحة التي ستصل إليك بمجرد تأمل ذلك الغلاف وما يحمله من أصالة ومعاني لن تندثر أبدًا، سيهدأ خوفك من المستقبل لأنه ما زال فينا تلك الجدة الحكيمة وهذه الطفلة الذكية النبيهة التي تعلمت الدرس بمهارة ستدركها مع بدأ أولى الصفحات حيث إهداء الكاتبة الذي يؤكد أن ما بداخل هذه الأوراق ستكون قصص يملئها الترابط الأسري والحب والعطاء، قصص بطعم جذورنا التي نعتقد أننا نسيناها مع ضغوط الحياة، مذاقها بنكهة خيرات بلادنا وأصالة أهلها، ورائحتها عبير موسم حصاد الزيتون في فلسطين الحبيبة.
تتمتع كاتبة هذا الكتاب بقلم متمكن من حروفه قادر على التعبير بطريقة رغم بلاغتها وتفردها إلّا أنها تصل سريعًا إلى القلب فلا تحتاج لبذل مجهود لقراءة ما بين الأسطر ولا الوصول لما ترمى إليه الكاتبة التي كتبت قصص هذا الكتاب بقلبها قبل قلمها فوصل إلى القلب فورًا.
جاءت المقدمة بوصف ملامح الجدة فيشعر معها القارئ أيًا كان جنسيته العربية أنها ملامح جدته، فنصيحة عليك أن تقرأ المقدمة وتغمض عينيك لتستدعي روح تلك الجدة التي وصفتها الكاتبة بحروف متقنة لتتجسد صورتها أمامك كاملة بشكل وهيئة وصفات وأفعال، ستجد نفسك دون أن تشعر تلتف حولها مع أولئك الأطفال، فتتناسى معهم تلك النيران التي لن تهدأ إلّا بذلك النصر المنشود وتستعد لسماع الحكايات.
قُسمت المجموعة إلى ثلاث أجزاء أولهم يحمل الفكاهة والعبرة، والثاني بمذاق اجتماعي مرير، والثالث حكايات من زمن غابر.
ستعيش على أرض غزة لبعض الوقت، ستكون فرد من عائلة الجدة، أعدك أنك ستبتسم من قلبك، وستفتح شهيتك للطعام فهنا ستجد كل ما لذ وطاب، بوصف دقيق لما هو من خير أراضينا وأجمل أصناف الطعام العربي الشهية.
أنصحك قبل الاستمرار في هذه الرحلة أن تملأ معدتك وتمتنع عن الحمية، فتلك القصص تعد كفاتح للشهية، ستكتشف كثير من أوجه الشبه بين عادات وتقاليد شعوبنا العربية، وستعرف ما كنت تتمنى معرفته عن غزة والحياة بها وأنت تبتسم تلك الابتسامة التي أهدتها لك الكاتبة رغم المعاناة التي يعيشها ذلك المجتمع على مرأى ومسمع العالم أجمع، سوف تعيش القصص مع أبطالها، لتأخذ في الأخير العبرة في سطور موجزة كأقراص الدواء لكل داء ذُكر، بحروف بليغة وموسيقى تطرب الأذن.
ستنهي التسع حكايات الأولى خفيفة الظل بابتسامة لم تفارقك وأنت تقلب في أوراقها، فلقد نجحت الكاتبة في نقل القارئ عبر أثيرها الخاص ليعيش معها تلك الأجواء والطقوس الخاصة بأهل غزة.
ولكنك سرعان ما تعود للواقع وأنت تبدأ القسم الثاني تاركًا الابتسامة أمانة في يد الكاتبة، لتعيش واقع مجتمعاتنا التي أتأكد مع كل قصة أنه متشابه بكل عاداته وتقاليده الحميدة منها والمريرة، ربما مرارة تزيد قسوة عن الاحتلال وتدني الظروف الاقتصادية، فاحتلال القلوب بما يخالف الدين والشرع أكثر مرارة من احتلال الأوطان، وقد نعترف جميعًا أنها عادات ذميمة لئيمة ولكن هذا ما وجدنا عليه آبائنا، ستنهي قصص هذا الجزء وربما تلوم على الكاتبة تلك الابتسامة التي أعطتها لك بيد لتسرقها باليد الأخرى، فزالت الابتسامة واقشعر البدن لقسوة العادات والتقاليد المهترئة.
وبعد هذا الفاصل المرير تجذبك الكاتبة للقسم الثالث في المجموعة، تغسل عقلك من كل ما رمت به داخله بومضات من هموم المجتمع، فتعتذر لك قبل أن تسقطك في عالم الخيال حتى لا تودع مجموعتها مهموم البال بكل تلك الأحوال، فتجد نفسك داخل المغارة، ولكنك لست كعلي بابا سعيد الحظ أو حتى تعيسة لتلتقي بالأربعين حرامي، إنها مغارة مرصودة حكايتها مؤكد ستعرفها بين سطور تلك المجموعة، وستخرج بها مع عبرة لم تخلو منها أي قصة، خيالية كانت أو حقيقية.
خمسة عشرة قصة لكل واحدة مغذى وهدف حافظت عليه الكاتبة منذ أول صفحات كتابها حتى آخرها، بإتقان وبراعة وتمكن محترف، يثبت أن أقلامنا العربية لن تنضب أبدًا، وأن الأدب النسائي جدير بالاحترام والتقدير طالما يوجد به أمثال أريج الشرفا، نساء تستطيع الوقوف أمام طلقات النيران وعبور الأسلاك الشائكة بمهارة لتصل بكلماتها وقصص بلادها لكل من يهمه الأمر، فتُخلد تاريخ بلادها وأرخته بمهارة، ليكون خير عون لأجيال تحاول الحفاظ على بقايا أصالتها المتناثرة مع لاجئين حول العالم.
إذ كنت تبحث عن هويتك المفقودة في تلك الصفحات ستجدها وقبل أن تغلقها ستعرف من سرقها وسبب سرقتها.
أعدك عزيزي القارئ أنك ستغلق الكتاب وتقف احتراما لهذا العمل الذي لم يكن مجموعة قصصية عادية بل كان إبداعًا متكامل يستحق التصفيق.
وأخيرًا وليس آخرًا لا أستطيع أن أتجاهل دور دار ديوان العرب للنشر والتوزيع التي تبنت هذا العمل الرائع وأظهرته للنور بما يليق به وباسم الدار.
❞ المجموعة القصصية حدثتني جدتي
للكاتبة أريج دكه الشرفا
قبل أن تبدأ رحلتك مع هذا الكتاب الذي كُتب بقلم فلسطيني أصيل، تعبر الحدود بقطار يقوده القلم، تجتاز معبر رفح دون أوراق رسمية أو تصاريح عبور رغم أنف المعتدين والعابثين بتاريخ بلادنا، لا تنس أن تحمل معك حلم الشعوب العربية أجمعين.
بمجرد تأملك للغلاف ستذهب بخيالك لتجلس بين قدمي تلك الجدة الفلسطينية التي ستروي لك قصص برائحة خير تلك الأرض الصامدة، استنشق ربيع بلادنا وجمالها بلا خريف، تلك الرائحة التي ستصل إليك بمجرد تأمل ذلك الغلاف وما يحمله من أصالة ومعاني لن تندثر أبدًا، سيهدأ خوفك من المستقبل لأنه ما زال فينا تلك الجدة الحكيمة وهذه الطفلة الذكية النبيهة التي تعلمت الدرس بمهارة ستدركها مع بدأ أولى الصفحات حيث إهداء الكاتبة الذي يؤكد أن ما بداخل هذه الأوراق ستكون قصص يملئها الترابط الأسري والحب والعطاء، قصص بطعم جذورنا التي نعتقد أننا نسيناها مع ضغوط الحياة، مذاقها بنكهة خيرات بلادنا وأصالة أهلها، ورائحتها عبير موسم حصاد الزيتون في فلسطين الحبيبة.
تتمتع كاتبة هذا الكتاب بقلم متمكن من حروفه قادر على التعبير بطريقة رغم بلاغتها وتفردها إلّا أنها تصل سريعًا إلى القلب فلا تحتاج لبذل مجهود لقراءة ما بين الأسطر ولا الوصول لما ترمى إليه الكاتبة التي كتبت قصص هذا الكتاب بقلبها قبل قلمها فوصل إلى القلب فورًا.
جاءت المقدمة بوصف ملامح الجدة فيشعر معها القارئ أيًا كان جنسيته العربية أنها ملامح جدته، فنصيحة عليك أن تقرأ المقدمة وتغمض عينيك لتستدعي روح تلك الجدة التي وصفتها الكاتبة بحروف متقنة لتتجسد صورتها أمامك كاملة بشكل وهيئة وصفات وأفعال، ستجد نفسك دون أن تشعر تلتف حولها مع أولئك الأطفال، فتتناسى معهم تلك النيران التي لن تهدأ إلّا بذلك النصر المنشود وتستعد لسماع الحكايات.
قُسمت المجموعة إلى ثلاث أجزاء أولهم يحمل الفكاهة والعبرة، والثاني بمذاق اجتماعي مرير، والثالث حكايات من زمن غابر.
ستعيش على أرض غزة لبعض الوقت، ستكون فرد من عائلة الجدة، أعدك أنك ستبتسم من قلبك، وستفتح شهيتك للطعام فهنا ستجد كل ما لذ وطاب، بوصف دقيق لما هو من خير أراضينا وأجمل أصناف الطعام العربي الشهية.
أنصحك قبل الاستمرار في هذه الرحلة أن تملأ معدتك وتمتنع عن الحمية، فتلك القصص تعد كفاتح للشهية، ستكتشف كثير من أوجه الشبه بين عادات وتقاليد شعوبنا العربية، وستعرف ما كنت تتمنى معرفته عن غزة والحياة بها وأنت تبتسم تلك الابتسامة التي أهدتها لك الكاتبة رغم المعاناة التي يعيشها ذلك المجتمع على مرأى ومسمع العالم أجمع، سوف تعيش القصص مع أبطالها، لتأخذ في الأخير العبرة في سطور موجزة كأقراص الدواء لكل داء ذُكر، بحروف بليغة وموسيقى تطرب الأذن.
ستنهي التسع حكايات الأولى خفيفة الظل بابتسامة لم تفارقك وأنت تقلب في أوراقها، فلقد نجحت الكاتبة في نقل القارئ عبر أثيرها الخاص ليعيش معها تلك الأجواء والطقوس الخاصة بأهل غزة.
ولكنك سرعان ما تعود للواقع وأنت تبدأ القسم الثاني تاركًا الابتسامة أمانة في يد الكاتبة، لتعيش واقع مجتمعاتنا التي أتأكد مع كل قصة أنه متشابه بكل عاداته وتقاليده الحميدة منها والمريرة، ربما مرارة تزيد قسوة عن الاحتلال وتدني الظروف الاقتصادية، فاحتلال القلوب بما يخالف الدين والشرع أكثر مرارة من احتلال الأوطان، وقد نعترف جميعًا أنها عادات ذميمة لئيمة ولكن هذا ما وجدنا عليه آبائنا، ستنهي قصص هذا الجزء وربما تلوم على الكاتبة تلك الابتسامة التي أعطتها لك بيد لتسرقها باليد الأخرى، فزالت الابتسامة واقشعر البدن لقسوة العادات والتقاليد المهترئة.
وبعد هذا الفاصل المرير تجذبك الكاتبة للقسم الثالث في المجموعة، تغسل عقلك من كل ما رمت به داخله بومضات من هموم المجتمع، فتعتذر لك قبل أن تسقطك في عالم الخيال حتى لا تودع مجموعتها مهموم البال بكل تلك الأحوال، فتجد نفسك داخل المغارة، ولكنك لست كعلي بابا سعيد الحظ أو حتى تعيسة لتلتقي بالأربعين حرامي، إنها مغارة مرصودة حكايتها مؤكد ستعرفها بين سطور تلك المجموعة، وستخرج بها مع عبرة لم تخلو منها أي قصة، خيالية كانت أو حقيقية.
خمسة عشرة قصة لكل واحدة مغذى وهدف حافظت عليه الكاتبة منذ أول صفحات كتابها حتى آخرها، بإتقان وبراعة وتمكن محترف، يثبت أن أقلامنا العربية لن تنضب أبدًا، وأن الأدب النسائي جدير بالاحترام والتقدير طالما يوجد به أمثال أريج الشرفا، نساء تستطيع الوقوف أمام طلقات النيران وعبور الأسلاك الشائكة بمهارة لتصل بكلماتها وقصص بلادها لكل من يهمه الأمر، فتُخلد تاريخ بلادها وأرخته بمهارة، ليكون خير عون لأجيال تحاول الحفاظ على بقايا أصالتها المتناثرة مع لاجئين حول العالم.
إذ كنت تبحث عن هويتك المفقودة في تلك الصفحات ستجدها وقبل أن تغلقها ستعرف من سرقها وسبب سرقتها.
أعدك عزيزي القارئ أنك ستغلق الكتاب وتقف احتراما لهذا العمل الذي لم يكن مجموعة قصصية عادية بل كان إبداعًا متكامل يستحق التصفيق.
وأخيرًا وليس آخرًا لا أستطيع أن أتجاهل دور دار ديوان العرب للنشر والتوزيع التي تبنت هذا العمل الرائع وأظهرته للنور بما يليق به وباسم الدار.