❞ فعليك بإستكشاف حقيقة الكسب عند مناظرتهم ، ولا تسلم لهم لفظاً بلا
معنى ، كما يوردونه في مغالطتهم بل اسألهم عن كل جزء من أجزاء الفعل،
وما يترتب عليه، هل هو من الله أو من العبد؟ فان كان من الله تعالى فالجبر،
وتعطل معنى الكسب والجزء الإختياري ، وان كان من العبد ولو جزءًا ما فهو
مذهبنا فما مرادنا إلا أن العبد استقل بالتأثير في شيء ما.
ولو اجتمعت الأشاعرة أمواتًا واحياءً لما قدروا على الجواب لهذا السؤال،
إلا بالجبر أو الاعتزال وما زادوا على تفسیره بالمحلية، ولن يخرحوا عن زمرة
اخوانهم الجبرية، إلا أن حال الجبرية أنسب من الأشعرية بالنظر إلى المعقول
بترفعهم عن اللواذ والغالطة, ولو عطلوا الأصول، وأما الاشاعرة فتخيروا
وحيروا أتباعهم وصاروا یوهمون أنهم على شيء وأنهم متمسکون بذنَب
الحق وهو في طرف الضلال. وعجزوا عن التعبیر عن هذا الخيال، وهم في
الباطن معترفون بأنهم في حومة الإشكال، ألا ترى أن التفتازاني وهو من
أشدهم وأجلدهم في نصرة الأشعري ولو بمجرد الجدال، قد اعترف بصعوبة
إيضاح معنى الكسب وقال الغزالي كما نقله عبدالوهاب الشعرانى:
لانعرف مسألة الكسب لافي الدنيا ولافي الآخرة، و لله دره ما أبلغ هذا النفي
المستور على هذا الجمهور، وقال الولي ابن عربی": مكثت ثلاثين سنة أبحث
عنها ولم أعرفها ، ثم اعترف بالجبر، ومكثه ثلاثين سنة دليل على أن علمه
كشفي [كما يعتقدونه، وهذا ما نقله عنه الشعراني في عقايد الأكابر ومن خط
الشعراني نقلت]. ❝ ⏤إسحاق بن قاسم العبدي
❞ فعليك بإستكشاف حقيقة الكسب عند مناظرتهم ، ولا تسلم لهم لفظاً بلا
معنى ، كما يوردونه في مغالطتهم بل اسألهم عن كل جزء من أجزاء الفعل،
وما يترتب عليه، هل هو من الله أو من العبد؟ فان كان من الله تعالى فالجبر،
وتعطل معنى الكسب والجزء الإختياري ، وان كان من العبد ولو جزءًا ما فهو
مذهبنا فما مرادنا إلا أن العبد استقل بالتأثير في شيء ما.
ولو اجتمعت الأشاعرة أمواتًا واحياءً لما قدروا على الجواب لهذا السؤال،
إلا بالجبر أو الاعتزال وما زادوا على تفسیره بالمحلية، ولن يخرحوا عن زمرة
اخوانهم الجبرية، إلا أن حال الجبرية أنسب من الأشعرية بالنظر إلى المعقول
بترفعهم عن اللواذ والغالطة, ولو عطلوا الأصول، وأما الاشاعرة فتخيروا
وحيروا أتباعهم وصاروا یوهمون أنهم على شيء وأنهم متمسکون بذنَب
الحق وهو في طرف الضلال. وعجزوا عن التعبیر عن هذا الخيال، وهم في
الباطن معترفون بأنهم في حومة الإشكال، ألا ترى أن التفتازاني وهو من
أشدهم وأجلدهم في نصرة الأشعري ولو بمجرد الجدال، قد اعترف بصعوبة
إيضاح معنى الكسب وقال الغزالي كما نقله عبدالوهاب الشعرانى:
لانعرف مسألة الكسب لافي الدنيا ولافي الآخرة، و لله دره ما أبلغ هذا النفي
المستور على هذا الجمهور، وقال الولي ابن عربی": مكثت ثلاثين سنة أبحث
عنها ولم أعرفها ، ثم اعترف بالجبر، ومكثه ثلاثين سنة دليل على أن علمه
كشفي [كما يعتقدونه، وهذا ما نقله عنه الشعراني في عقايد الأكابر ومن خط
الشعراني نقلت] . ❝
❞ كل (( نبضة قلب))، و كل خفقة أنفاس، و كل خاطر، و كل فكرة، و كل خطوة، هي قرض.. سلفة.. هي قرش ينفق من الرصيد.
و هو رصيد لا نملكه و لم نبذل فيه جهدا.. و إنما هو عطاء مطلق أعطي لنا منذ لحظة الميلاد.
المخترع لا يخترع و إنما يجيئه الخاطر كما ينزل ندى الفجر على الزهر.
و الشاعر لا يؤلف من عدم، و إنما يهبط عليه إلهام الشعر فيورق عقله كما يورق الشجر في الربيع.
فهل يمتلك الشجر أزهاره أو أنها هبة الربيع؟
و العلم ذاته هبة.
الكهرباء موجودة منذ الأزل من قبل أن تكتشف بملايين السنين، و هي التي كانت تضيء السماء بالبروق و الصواعق.
نحن لم نخترع الكهرباء و لم نأت بها، فهي موجودة. و كذلك إشعاع الراديو و طاقة الذرة و مغناطيسية الحديد.
كل هذه كنوز موجودة تحت أيدينا..
و هي بعض الهبات التي وهبناها دون أن نطلبها.
نحن العلماء لا ندرك هذا و إنما نقول: اخترعنا. ابتكرنا، صنعنا، ألفنا، صنفنا.
ثم لا ندرك ما هو أخطر و أكثر وضوحا و بداهة.. إن العمر الذي نعيشه هو أيضا هبة لم نطلبها و لم نجتهد فيها.
الجميلة لم تجتهد لتولد جميلة.
و القوي لم يجتهد ليولد قويا.
و الحاد البصر لم يجتهد ليولد حاد البصر.
و نحن لا نقوم بصيانة هذا الشيء المعقد الملغز المعجز الذي اسمه الجسد الحي.. و إنما هو الذي يقوم بصيانة نفسه بنفسه بأساليب محيرة.
نحن ننفق من شيك لا نملكه.. و مع ذلك نتبجح طول الوقت.. و نقول.. نحن اخترعنا نحن صنعنا.. نحن عباقرة.. نحن عظماء.. نحن على حق و الآخرون على خطأ.. نحن بيض و هم حيوانات.. نحن جنس سامي و هم جنس منحط، ثم نقتتل على ثروات لا نملكها و لا فضل لنا فيها جميعا.
و لا فضل لنا حتى في تكويننا الجسماني.
نحن مجرد مخلوقات تولد و تموت و تعيش على هبة محدودة من الخالق الذي أوجدها، و لو كنا نملك أنفسنا حقيقة لما كان هناك موت.
و لكن الموت هو الذي يفضح القصة.
هو الذي يكشف لنا أن ما كنا نملكه لم نكن نملكه.
الشيخوخة هي التي تفضح جمال الجميلة فإذا بجمالها هبة زائرة لا حقيقة باقية.
و لكننا نحن العلماء نجهل هذه الحقيقة الأولية الشاخصة ملء العين كشمس النهار.
و لو أدركنا هذه الحقيقة البسيطة لانتهت الحروب و حل السلام و ملأت المحبة القلوب و أشرق التواضع ليجمع العالم في أسرة واحدة.
لو أدركنا هذه الحقيقة لالتففتنا إلتفاتة شكر إلى الوهاب الذي وهب.
هل أخطئ إذا اعتبرت هذا العصر أظلم عصور الجاهلية؟!
#روائع_مصطفي_محمود رحمهُ اللَّه
من كتاب : #الشيطان_يحكم. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ كل (( نبضة قلب))، و كل خفقة أنفاس، و كل خاطر، و كل فكرة، و كل خطوة، هي قرض.. سلفة.. هي قرش ينفق من الرصيد.
و هو رصيد لا نملكه و لم نبذل فيه جهدا.. و إنما هو عطاء مطلق أعطي لنا منذ لحظة الميلاد.
المخترع لا يخترع و إنما يجيئه الخاطر كما ينزل ندى الفجر على الزهر.
و الشاعر لا يؤلف من عدم، و إنما يهبط عليه إلهام الشعر فيورق عقله كما يورق الشجر في الربيع.
فهل يمتلك الشجر أزهاره أو أنها هبة الربيع؟
و العلم ذاته هبة.
الكهرباء موجودة منذ الأزل من قبل أن تكتشف بملايين السنين، و هي التي كانت تضيء السماء بالبروق و الصواعق.
نحن لم نخترع الكهرباء و لم نأت بها، فهي موجودة. و كذلك إشعاع الراديو و طاقة الذرة و مغناطيسية الحديد.
كل هذه كنوز موجودة تحت أيدينا..
و هي بعض الهبات التي وهبناها دون أن نطلبها.
نحن العلماء لا ندرك هذا و إنما نقول: اخترعنا. ابتكرنا، صنعنا، ألفنا، صنفنا.
ثم لا ندرك ما هو أخطر و أكثر وضوحا و بداهة.. إن العمر الذي نعيشه هو أيضا هبة لم نطلبها و لم نجتهد فيها.
الجميلة لم تجتهد لتولد جميلة.
و القوي لم يجتهد ليولد قويا.
و الحاد البصر لم يجتهد ليولد حاد البصر.
و نحن لا نقوم بصيانة هذا الشيء المعقد الملغز المعجز الذي اسمه الجسد الحي.. و إنما هو الذي يقوم بصيانة نفسه بنفسه بأساليب محيرة.
نحن ننفق من شيك لا نملكه.. و مع ذلك نتبجح طول الوقت.. و نقول.. نحن اخترعنا نحن صنعنا.. نحن عباقرة.. نحن عظماء.. نحن على حق و الآخرون على خطأ.. نحن بيض و هم حيوانات.. نحن جنس سامي و هم جنس منحط، ثم نقتتل على ثروات لا نملكها و لا فضل لنا فيها جميعا.
و لا فضل لنا حتى في تكويننا الجسماني.
نحن مجرد مخلوقات تولد و تموت و تعيش على هبة محدودة من الخالق الذي أوجدها، و لو كنا نملك أنفسنا حقيقة لما كان هناك موت.
و لكن الموت هو الذي يفضح القصة.
هو الذي يكشف لنا أن ما كنا نملكه لم نكن نملكه.
الشيخوخة هي التي تفضح جمال الجميلة فإذا بجمالها هبة زائرة لا حقيقة باقية.
و لكننا نحن العلماء نجهل هذه الحقيقة الأولية الشاخصة ملء العين كشمس النهار.
و لو أدركنا هذه الحقيقة البسيطة لانتهت الحروب و حل السلام و ملأت المحبة القلوب و أشرق التواضع ليجمع العالم في أسرة واحدة.
لو أدركنا هذه الحقيقة لالتففتنا إلتفاتة شكر إلى الوهاب الذي وهب.
هل أخطئ إذا اعتبرت هذا العصر أظلم عصور الجاهلية؟!
روائع_مصطفي_محمود رحمهُ اللَّه
من كتاب : الشيطان_يحكم . ❝