❞ ˝الاكتئاب˝
الاكتئاب أو يمكننا أن نُطلق عليه الحياة السوداء؛ فهو مرض نفسي وجسدي يتحكم بحياة الإنسان ليجعله غير قادر على التفكير ولا يشعر بأي رغبة في فعل شيء، بل يكون كثير الشرود والجلوس وحيدًا معتقدًا بأن الحياة مزينة باللون الأسود، ويلتف حوله الحزن والشعور بأنه غير قادر على ممارسة حياته اليومية كما السابق، كما أنه أيضًا لا يقتصر على عمر معين أو جنس محدد، بل من المعروف أيضًا أن أكثر الأشخاص عرضة له هم المراهقين الذين يتغير مزاجهم باستمرار كما تتغير نظرتهم للحياة، حقًا إن هذا المرض هو من أكثر الأمراض المنتشرة في العالم والتي يجب أن نضعها في أولوياتنا دائمًا حين الشعور بأعراضه.
وأعراضه كالآتي:
١/ الشعور الدائم بالتعب: حيث يشعر الإنسان دائمًا بالتعب ملازمًا له ولا يفارقه.
٢/ الأفكار الانتحارية التي قد تسيطر على هذا الشخص فترة طويلة؛ لتجعله يمتثل لها ويقوى على فعلها حقًا في نهاية الأمر.
٣/ العصبية المفرطة: والتي قد تكون على أشياء لا تُذكر بالمرة، ويمكننا القول بأنها ليست ذات أهمية أيضًا ولكن الشخص المكتئب لا يشعر بأن الأمر لا يستدعي تلك العصبية حقًا.
٤/ نقصان الوزن: والذي يكون سببه فقدان الشهية بدون سبب، وأيضًا زيادة الوزن جراء تناول الطعام بكميات ضخمة دون الحاجة إليها.
٥/ نوبات البكاء التي قد تحدث فجأة حتى حينما تكون تبتسم؛ فهي لا تقتصر على وقت محدد، بل تأتي بدون سابق أنذار، كما أيضًا يمكن أن يكون الشخص يبكي ويضحك في آنٍ واحد.
٦/ اضطرابات في النوم والقلق مِمّن حولهم بدون أي سبب يُذكر.
٧/ كما أنه يشعر بأنه يجد صعوبة في اتخاذ القرارات والتركيز أيضًا.
٨/ فقدانه الرغبة في فعل أي شيء، كممارسة حياته اليومية أو الخروج للتنزه مع العائلة أو الجلوس معهم، بل يفضّل أن يبقى وحيدًا منعزلًا في غرفته.
ولكن تلك الأعراض لا تظهر على الجميع؛ فقد تختلف الأعراض من المراهق إلى الشخص البالغ فلا يتفقان في ظهور نفس الأعراض عليهم، بل لكل واحد منهما أعراض مختلفة عن الآخر، وهناك أيضًا الكثير من الأعراض التي قد تظهر عكس طبيعة الشخص والتي لا يمكن الاستهان بها والصمت حين الشعور بها.
- أسباب إصابة الشخص بمرض الاكتئاب:
ليس معروفًا إلى الآن ما هو السبب الأكثر دقة نتيجته هذا المرض، ولكن قد تم بالفعل تداول بعض الأسباب كالآتي:
ا/ عوامل وراثية:
ويكمُن خلف هذا السبب أن يكون هناك شخص قريب من المريض، قد كان أو ما زال مصابًا بهذا المرض، وانتقل إليه عن طريق الچينات التي قد تكون سببًا لإصابته به؛ لذلك وضعت ضمن الأسباب للإصابة بهذا المرض.
٢/ عوامل بيئيّة:
قد تؤثر البيئة المحيطة بالشخص به سواء أكان بالإيجاب أو السلب، فمثلًا موت أحد الأشخاص المقربين له يقوده إلى الدخول في حالة اكتئاب يرفض تصديق الواقع، أو توتر حاد بسبب مشكلة ما قد وقع بها هذا الشخص.
هناك بالفعل بعض الأسباب الأخرى التي قد تكون سببًا للاكتئاب مثل:
١/ الأمراض المزمنة:
التي قد تكون سببًا لشعوره باليأس من أنه مصاب بهذا المرض.
٢/ تناول بعض الأدوية بشكل منتظم:
والتي قد يكون من أثارها الجانبية الإصابة بالاكتئاب.
- أنواع الاكتئاب:
ولكي نتغلب على هذا المرض يجب معرفة ما هي أنواعه والتي هي:
١/ الاضطراب الاكتئابي الرئيسي:
يُصاب الشخص بهذا الاكتئاب أغلب أيام الأسبوع وهذا ما يجعله مختلفًا عن باقي الأنواع.
٢/ الاضطراب الاكتئابي المستمر:
وفي هذا النوع يكون الاكتئاب من الأمراض المزمنة التي قد استمرت مع المريض فترة ليست بقليلة، وأثناءها يمكن للشخص التخلص من هذا المرض قليلًا وذلك لا يتخطى بعض الأشهر، كما أيضًا تختلف شدة الاكتئاب من المتوسط إلى الأقل إلى الأشد خطورة، وذلك يرجع إلى تشخيص الطبيب لحالة المريض.
٣/ اضطراب ثنائي القطب:
وهو يُعد من أسوا وأصعب الأنواع وأشدهم خطورة حيث أن الاضطراب ثنائي القطب هو اضطراب حاد في المزاج، ويؤدي هذا إلى مرور الشخص بفترات مزاجية أشبه بالهذيان أو الهوس.
ومن أعراضه أن المريض يبدأ في فقدان تواصله في بعض الأحيان مع الواقع الذي نعيش فيه، ويلجأ لعالم يفرضه عقله أو أن تكون أعراضه بسيطة فهو يختلف من شخص لآخر.
٤/ الاضطراب العاطفي الموسمي:
وقد يصاب الشخص بهذا الاكتئاب نتيجة لتغير الفصول وخاصة حلول فصل الشتاء؛ لقصر فترات النهار وزيادة فترات الليل، وعدم تعرضه لأشعة الشمس لكثير من الوقت وعادة ما يرجع الإنسان إلى طبيعته في فصلي الربيع والخريف.
- طريقة علاجه والتغلب عليه:
ولكي يتم التغلب عليه نهائيًا يجب أن يذهب المريض بصحبة أهله لطبيب مختص يساعده على تخطّي الأمر وألا يشعر بالكسل والضجر من فعل هذا؛ حيث أنه عليه فعل ذلك في أسرع وقت ممكن لكي يتغلب عليه بسرعة، كما أنه يجب أن يلتزم بكلام طبيبه المختص، ولكي يتفادى الأمر منذ البداية يجب أن يخلق لنفسه بيئة مليئة بالحب تحيط به، وألا يكون هناك أي سبب قد يزعجه؛ لكي لا يؤدي هذا إلى إصابته بالاكتئاب مرة أخرى.
#نجوان_محمد_غسق. ❝ ⏤Nagwan Mohamed
❞ ˝الاكتئاب˝
الاكتئاب أو يمكننا أن نُطلق عليه الحياة السوداء؛ فهو مرض نفسي وجسدي يتحكم بحياة الإنسان ليجعله غير قادر على التفكير ولا يشعر بأي رغبة في فعل شيء، بل يكون كثير الشرود والجلوس وحيدًا معتقدًا بأن الحياة مزينة باللون الأسود، ويلتف حوله الحزن والشعور بأنه غير قادر على ممارسة حياته اليومية كما السابق، كما أنه أيضًا لا يقتصر على عمر معين أو جنس محدد، بل من المعروف أيضًا أن أكثر الأشخاص عرضة له هم المراهقين الذين يتغير مزاجهم باستمرار كما تتغير نظرتهم للحياة، حقًا إن هذا المرض هو من أكثر الأمراض المنتشرة في العالم والتي يجب أن نضعها في أولوياتنا دائمًا حين الشعور بأعراضه.
وأعراضه كالآتي:
١/ الشعور الدائم بالتعب: حيث يشعر الإنسان دائمًا بالتعب ملازمًا له ولا يفارقه.
٢/ الأفكار الانتحارية التي قد تسيطر على هذا الشخص فترة طويلة؛ لتجعله يمتثل لها ويقوى على فعلها حقًا في نهاية الأمر.
٣/ العصبية المفرطة: والتي قد تكون على أشياء لا تُذكر بالمرة، ويمكننا القول بأنها ليست ذات أهمية أيضًا ولكن الشخص المكتئب لا يشعر بأن الأمر لا يستدعي تلك العصبية حقًا.
٤/ نقصان الوزن: والذي يكون سببه فقدان الشهية بدون سبب، وأيضًا زيادة الوزن جراء تناول الطعام بكميات ضخمة دون الحاجة إليها.
٥/ نوبات البكاء التي قد تحدث فجأة حتى حينما تكون تبتسم؛ فهي لا تقتصر على وقت محدد، بل تأتي بدون سابق أنذار، كما أيضًا يمكن أن يكون الشخص يبكي ويضحك في آنٍ واحد.
٦/ اضطرابات في النوم والقلق مِمّن حولهم بدون أي سبب يُذكر.
٧/ كما أنه يشعر بأنه يجد صعوبة في اتخاذ القرارات والتركيز أيضًا.
٨/ فقدانه الرغبة في فعل أي شيء، كممارسة حياته اليومية أو الخروج للتنزه مع العائلة أو الجلوس معهم، بل يفضّل أن يبقى وحيدًا منعزلًا في غرفته.
ولكن تلك الأعراض لا تظهر على الجميع؛ فقد تختلف الأعراض من المراهق إلى الشخص البالغ فلا يتفقان في ظهور نفس الأعراض عليهم، بل لكل واحد منهما أعراض مختلفة عن الآخر، وهناك أيضًا الكثير من الأعراض التي قد تظهر عكس طبيعة الشخص والتي لا يمكن الاستهان بها والصمت حين الشعور بها.
أسباب إصابة الشخص بمرض الاكتئاب:
ليس معروفًا إلى الآن ما هو السبب الأكثر دقة نتيجته هذا المرض، ولكن قد تم بالفعل تداول بعض الأسباب كالآتي:
ا/ عوامل وراثية:
ويكمُن خلف هذا السبب أن يكون هناك شخص قريب من المريض، قد كان أو ما زال مصابًا بهذا المرض، وانتقل إليه عن طريق الچينات التي قد تكون سببًا لإصابته به؛ لذلك وضعت ضمن الأسباب للإصابة بهذا المرض.
٢/ عوامل بيئيّة:
قد تؤثر البيئة المحيطة بالشخص به سواء أكان بالإيجاب أو السلب، فمثلًا موت أحد الأشخاص المقربين له يقوده إلى الدخول في حالة اكتئاب يرفض تصديق الواقع، أو توتر حاد بسبب مشكلة ما قد وقع بها هذا الشخص.
هناك بالفعل بعض الأسباب الأخرى التي قد تكون سببًا للاكتئاب مثل:
١/ الأمراض المزمنة:
التي قد تكون سببًا لشعوره باليأس من أنه مصاب بهذا المرض.
٢/ تناول بعض الأدوية بشكل منتظم:
والتي قد يكون من أثارها الجانبية الإصابة بالاكتئاب.
أنواع الاكتئاب:
ولكي نتغلب على هذا المرض يجب معرفة ما هي أنواعه والتي هي:
١/ الاضطراب الاكتئابي الرئيسي:
يُصاب الشخص بهذا الاكتئاب أغلب أيام الأسبوع وهذا ما يجعله مختلفًا عن باقي الأنواع.
٢/ الاضطراب الاكتئابي المستمر:
وفي هذا النوع يكون الاكتئاب من الأمراض المزمنة التي قد استمرت مع المريض فترة ليست بقليلة، وأثناءها يمكن للشخص التخلص من هذا المرض قليلًا وذلك لا يتخطى بعض الأشهر، كما أيضًا تختلف شدة الاكتئاب من المتوسط إلى الأقل إلى الأشد خطورة، وذلك يرجع إلى تشخيص الطبيب لحالة المريض.
٣/ اضطراب ثنائي القطب:
وهو يُعد من أسوا وأصعب الأنواع وأشدهم خطورة حيث أن الاضطراب ثنائي القطب هو اضطراب حاد في المزاج، ويؤدي هذا إلى مرور الشخص بفترات مزاجية أشبه بالهذيان أو الهوس.
ومن أعراضه أن المريض يبدأ في فقدان تواصله في بعض الأحيان مع الواقع الذي نعيش فيه، ويلجأ لعالم يفرضه عقله أو أن تكون أعراضه بسيطة فهو يختلف من شخص لآخر.
٤/ الاضطراب العاطفي الموسمي:
وقد يصاب الشخص بهذا الاكتئاب نتيجة لتغير الفصول وخاصة حلول فصل الشتاء؛ لقصر فترات النهار وزيادة فترات الليل، وعدم تعرضه لأشعة الشمس لكثير من الوقت وعادة ما يرجع الإنسان إلى طبيعته في فصلي الربيع والخريف.
طريقة علاجه والتغلب عليه:
ولكي يتم التغلب عليه نهائيًا يجب أن يذهب المريض بصحبة أهله لطبيب مختص يساعده على تخطّي الأمر وألا يشعر بالكسل والضجر من فعل هذا؛ حيث أنه عليه فعل ذلك في أسرع وقت ممكن لكي يتغلب عليه بسرعة، كما أنه يجب أن يلتزم بكلام طبيبه المختص، ولكي يتفادى الأمر منذ البداية يجب أن يخلق لنفسه بيئة مليئة بالحب تحيط به، وألا يكون هناك أي سبب قد يزعجه؛ لكي لا يؤدي هذا إلى إصابته بالاكتئاب مرة أخرى.
❞ محمد الورداشي
˝حينما تبكي الروحُ!˝
باغتني العياء المتوحش، وأنهك جسدي النحيل في سكون الليل، فأخذت أتقلب على سريري المليء بالمنعرجات، ويفرُّ النوم من عيني المتعبتين، أستلقي على ظهري، أحس ألما شديدا، وأتقلب على جانبي الأيسر، فأشعر بوجع ممض في معدتي، ثم أستدير جهة اليمين، ولكن النوم لا يزورني ولا يقترب من عينيّ قيد أنملة. أحاول النوم جاهدا، فأغمض عيني رغما عنهما وضدا في الأرق، فأسمع صوتا مزعجا في الشارع، أنهض متثاقلا وأطل من نافذة المطبخ، فلا أرى إلا أشباحا تمضي مسرعة كالبرق، وأعيد النظر بعدما حاولت فتح عيني، فيتراءى لي قطان أسودان يتعاركان، ويصدران أصواتا حزينة ومبهمة، أحاول فهمها وهتك غموضها، ولكني لا أقرّ على رأي واحد تجاه هذه الأصوات التي تمزج بين الحزن والشكوى، بين الإعلان عن الأذى المحدق والتعبير عن الانزعاج. لم يرقني هذا المنظر؛ لأني لا أحب مشاهدة الحيوانات وهي تنهش جسد بعضها البعض، يؤلمني كثيرا أن أرى حيوانا ضعيفا يلحقه الأذى من قبل حيوان أقوى منه، من قبل إنسان يكره الحيوان، ويرى فيه عدوا يجب اضطهاده حيثما وجد.
أكره النظر إلى الكائنات الضعيفة وهي تُؤذى من قبل الأقوى منها؛ لذلك أغلقت النافذة بهدوء، وسرحت ببصري في المطبخ، فوقعت عيناي على بقايا طعام وفواكه، ارتمت يدي على تفاحة حمراء، أحب التفاح الأحمر، أحب الفواكه الحمراء أكثر من غيرها، لأنها تبعث في نفسي الحياة، وتروي عطش النفس إلى الإحساس بالشبع والارتواء.
شربت كأس ماء بارد، وعدت إلى الغرفة بخطى وئيدة لئلا أوقظ النائمين، أعرف حب البشر للنوم، وكرههم الشديد لمن يوقظهم دون إرادة منهم، أو يكون سببا في يقظتهم. أنا أيضا أكره من يزعجني، فيكون سببا في فرار النوم من عيني؛ لكني لا أحب النوم لذاته، وإنما لغيابه الطويل عني.
ارتميت بجسدي العليل على السرير، نظرت إلى الساعة التي تشير إلى الرابعة صباحا، لم أحزن على الزمن الذي يمضي مسرعا، لم أقلق يوما لأني ظللت حتى آخر الليل باحثا عن نوم مرغوب؛ لأني ألفت السهر والأرق، والقراءة والتأمل كلما نام الناس، أو دخلوا في حضرة النوم مستسلمين غير محتجّين.
حملت هاتفي وأخذت أتصفح الأخبار، وألقي نظرة على بوح الأصدقاء الافتراضيين والواقعيين، تستوقفني خاطرة صديق، وأتأمل كلمات صديق آخر يرى نفسه فيلسوفا، وأعجب من كثرة الشعراء والأدباء، وأشجب تعسفهم على الشعر والأدب؛ لأنهم لا يقرأون بقدر ما يكتبون، ولا يبدعون أكثر من ما يجترون، فيغمرني حزنٌ ومللٌ قاتمان، وأرمي الهاتف على الوسادة، ثم أعود إلى ذاتي المنطفئة، أغور في أعماقها، وأنبش في غياهبها حتى يطاوعني النوم بعد طول انتظار.
يرن جرس الساعة، فأحمل جسدي بتثاقل، وأتجه صوب الحمام حتى أتوضأ، فأصلي بضع ركعات، ثم أرتدي ملابسي الشتائية، وأبحث في جيبي عن بضعة دراهم، وأنزل الدرج متجها نحو الفرن. أجد المكان مزدحما بالنساء أكثر من الرجال، فأتساءل في خلدي عن ما يفعله الرجال في البيت، والموانع الحائلة دون تواجدهم أمام الفرن عوض نسائهم، لكني لا أظفر بجواب يشفي الغليل، فيحين دوري وأبتاع الخبز، ثم أعود إلى البيت متسللا، وأعد فطوري البسيط متثائبا.
أتناول فطوري والهاتف في يدي اليسرى، أتصفح الأخبار الصباحية، وأمعن النظر والتفكير في الوضع الاجتماعي، يهمني المجتمع وقضاياه أكثر من اهتمامي بالسياسة والاقتصاد. أجدني في حركة المجتمع الدائبة أكثر من قضايا أخرى.
أقرأ أخبارا عن الاحتجاج التعليمي المغربي، وأمعن النظر في كل تصريحات الفريقين، أقصد الجهات الرسمية المسؤولة والأساتذة المتضررين، وتتفاعل نفسي مع هذه الأخبار بين الإيجاب والسلب، ثم أنظر إلى الساعة التي تشير إلى الحادية عشرة صباحا.
أغلق الباب بهدوء، وأنزل الدرج متعجلا، فأجدني مندمجا في الشارع بعد بضع خطوات، أرى وأُرى، أبتسم ويُبتسم لي، فأمضي على هذه الحال حتى أبلغ المقهى. أبحث عن كرسي شاغر، وأجلس مطمئن البال، تمر دقيقة أو دقيقتان فتكون قهوتي السوداء جاهزة، يعرفني النادل كما يعرف الزبناء الآخرين، كانت خمس سنوات كافية ليعرف كل منا صاحبه. أتجرع قهوتي هادئا، وأتصفح الهاتف بتؤدة، فترمق عيناي جريدة، أقفز نحوها وأفتح أوراقها واحدة عقب أخرى، يصيبني الملل من التكرار والاجترار، فأردد متمتما ˝لا جديد تحت الشمس˝.
يسرح بصري في من يدخلون المقهى ويغادرونه، أمعن النظر في شخص يلفت نظري، أرقب حركاته وسكناته خلسة، ويزداد اهتمامي به كلما صدرت عنه حركة ما. يجلس أمامي رجل اشتعلتْ رأسه شيبا، جسده نحيف جدا، وعيناه ضيقتان كأنه صيني، يرتدي جاكيتا جلديا قديما، وسروالا ذا بُقع ورُقع كثيرة، وينتعل حذاءً جلديا بُنيَّ اللون، له مقدمةٌ تشبه رأس أفعى سامة، وتعلوه خروق وشقوق.
يحتسي قهوته مائل الظهر، ينظر إلى شيء أمامه، يحرك يده صوب هذا الشيء، أتململ في كرسيَّ، فأرى أنه ينظر إلى هاتفه على الطاولة، أعاود النظر إليه خلسة، يشدهني منظره على بعد أمتار قليلة: ظهرٌ مُنحن نحو الأمام، وعينان ضيقتان كأنه نائم، أو راهبٌ يتمتم بدعوات ما، ويؤدي طقسا تعبديا مهابا.
يلتفت نحوي فجأة، يرمقني بعينيه الضيقتين، فيبتسم لي وهو يلوح بيده اليمنى، أرد عليه بالحركة والابتسامة نفسيهما. يسألني، وقد كشف عن فمٍ خالٍ من الأسنان:
- أين وصلتم؟
أرد عليه بصوت مرتفع:
- لم نصل إلى شيء ذي مصداقية بعد.
يحك رأسه بحركة سريعة، ثم يعقب مستنكرا:
- لا، لقد قالوا في الأخبار إنهم رفعوا من أجوركم.
صمتَ برهة، ثم أضاف مبتسما:
- مبارك عليكم، نحتاج دعوة إلى مأدبة.
ابتسمت بدءا، ثم سرعان ما انفجرت ضحكتي التي لفتت إلي الأنظار، فقلت موضحا:
- لم تكن الزيادة هدفا أولا لنا..
يرمقني بالنظرات المستنكرة نفسها، فأردف بجدية أكثر:
- نريد الكرامة الإنسانية أولا، ثم بعد ذلك تأتي المطالب الأخرى.
- الله يجعل لكم مخرجا.
أرد بلفظة ˝آمين˝، ثم أطأطئُ رأسي منغمسا في الكتاب الذي أحمله معي، لكني لاحظت أن هذا الرجلَ العجوزَ يفكر في أمر ما، أحسست أن في نفسه كلاما كثيرا يريد قوله، فبادرته مبتسما:
- الحمد لله أنكم واعون بمشروعية نضال ومطالب الأساتذة.
فرد وعلامات الغضب تطفو على وجهه:
- أنا أستاذ متقاعد يا ولدي، لقد قضيت زهرة عمري في التعليم.
سألته ووقْعُ المفاجأة يغمرني:
- لم أتفطن لهذا الأمر، ما شاء الله يا أستاذ.
حرك رأسه ونشوة فخر تغزو ملامحه، فسألته:
- كم سنة قضيت؟
- أربعون سنة كلها عمل ونشاط.
- ما شاء الله
- أفنيت عمري وصحتي معهم، والنتيجة أمامك.
قلت له مخففا من أمواج الحزن المتلاطمة في غياهب نفسه:
- أجركم على الله تعالى، أما البشر فلا تنتظر منهم فضلا أو اعترافا بجميلك.
- ما يسعدني هو لقاء تلاميذي الذين ولجوا وظائف مختلفة.
- خير الثمار قطفتَ وجنيتَ.
- فعلا يا ولدي، ولكني فقدتُ صحتي.
توقفت لحظة أمام كلماته الحزينة، وفكرت في مصير كل من أحبَّ هذه المهنةَ النبيلةَ، فسألتُ نفسي إن كان مصيري سيكون مثله، وعن الأسباب التي تجعل هؤلاء الرجال المحاربين يعانون الويلات أثناء عملهم وبعده.
خاطبني بكلمات مؤثرة، حاول من خلالها إطالة عمر الحوار بيننا:
- كانوا مستخفين بنا، ومستغلين لصمتنا وتساهلنا، ولكنكم جيل أعاد للمهنة هيبتها وقيمتها، أنتم الجيل الذي سيحقق ما عجزنا عنه سنوات طوالا.
ابتسمت ابتسامة حزينة، ولأن نفسي لم تعد تطيق ألما وحزنا، قلت:
- لكل زمن أناسه وظروفه الخاصة، ولكنا نرجو الله أن ينعم علينا وعليكم بالصحة والعافية.
ردد لفظة ˝آمين˝ بصوت خافت، ثم انغمس في طقسه التعبدي، وعدت إلى كتابي أتصفحه، بيد أني لم أكن أقرأ بقدر ما كنت أفكر في مصيرنا، وفي الأوضاع المضطربة التي تغمرنا من كل جانب، فتخطف الفرحة من قلوبنا المرهفة، والابتسامة من وجوهنا السمحة. كنت أتساءل لمَ يتلذذ الإنسان بتعذيب أخيه الإنسان، ولا يعترف له بفضل أو جميل.
أغلقت دفتي الكتاب، أدخلته في محفظتي بيدي المرتعشة، ثم دفعت ثمن قهوتي وقهوة الأستاذ المتقاعد، الميت القاعد، وانصرفت بعدما ودعته بكلمات رقيقة وابتسامة خجولة، فوجدتني في الشارع أتحرك كالحشرة وسط الضجيج والازدحام الشديدين، وأخطو خطواتي صوب البيت. ❝ ⏤محمد الورداشي
❞ محمد الورداشي
˝حينما تبكي الروحُ!˝
باغتني العياء المتوحش، وأنهك جسدي النحيل في سكون الليل، فأخذت أتقلب على سريري المليء بالمنعرجات، ويفرُّ النوم من عيني المتعبتين، أستلقي على ظهري، أحس ألما شديدا، وأتقلب على جانبي الأيسر، فأشعر بوجع ممض في معدتي، ثم أستدير جهة اليمين، ولكن النوم لا يزورني ولا يقترب من عينيّ قيد أنملة. أحاول النوم جاهدا، فأغمض عيني رغما عنهما وضدا في الأرق، فأسمع صوتا مزعجا في الشارع، أنهض متثاقلا وأطل من نافذة المطبخ، فلا أرى إلا أشباحا تمضي مسرعة كالبرق، وأعيد النظر بعدما حاولت فتح عيني، فيتراءى لي قطان أسودان يتعاركان، ويصدران أصواتا حزينة ومبهمة، أحاول فهمها وهتك غموضها، ولكني لا أقرّ على رأي واحد تجاه هذه الأصوات التي تمزج بين الحزن والشكوى، بين الإعلان عن الأذى المحدق والتعبير عن الانزعاج. لم يرقني هذا المنظر؛ لأني لا أحب مشاهدة الحيوانات وهي تنهش جسد بعضها البعض، يؤلمني كثيرا أن أرى حيوانا ضعيفا يلحقه الأذى من قبل حيوان أقوى منه، من قبل إنسان يكره الحيوان، ويرى فيه عدوا يجب اضطهاده حيثما وجد.
أكره النظر إلى الكائنات الضعيفة وهي تُؤذى من قبل الأقوى منها؛ لذلك أغلقت النافذة بهدوء، وسرحت ببصري في المطبخ، فوقعت عيناي على بقايا طعام وفواكه، ارتمت يدي على تفاحة حمراء، أحب التفاح الأحمر، أحب الفواكه الحمراء أكثر من غيرها، لأنها تبعث في نفسي الحياة، وتروي عطش النفس إلى الإحساس بالشبع والارتواء.
شربت كأس ماء بارد، وعدت إلى الغرفة بخطى وئيدة لئلا أوقظ النائمين، أعرف حب البشر للنوم، وكرههم الشديد لمن يوقظهم دون إرادة منهم، أو يكون سببا في يقظتهم. أنا أيضا أكره من يزعجني، فيكون سببا في فرار النوم من عيني؛ لكني لا أحب النوم لذاته، وإنما لغيابه الطويل عني.
ارتميت بجسدي العليل على السرير، نظرت إلى الساعة التي تشير إلى الرابعة صباحا، لم أحزن على الزمن الذي يمضي مسرعا، لم أقلق يوما لأني ظللت حتى آخر الليل باحثا عن نوم مرغوب؛ لأني ألفت السهر والأرق، والقراءة والتأمل كلما نام الناس، أو دخلوا في حضرة النوم مستسلمين غير محتجّين.
حملت هاتفي وأخذت أتصفح الأخبار، وألقي نظرة على بوح الأصدقاء الافتراضيين والواقعيين، تستوقفني خاطرة صديق، وأتأمل كلمات صديق آخر يرى نفسه فيلسوفا، وأعجب من كثرة الشعراء والأدباء، وأشجب تعسفهم على الشعر والأدب؛ لأنهم لا يقرأون بقدر ما يكتبون، ولا يبدعون أكثر من ما يجترون، فيغمرني حزنٌ ومللٌ قاتمان، وأرمي الهاتف على الوسادة، ثم أعود إلى ذاتي المنطفئة، أغور في أعماقها، وأنبش في غياهبها حتى يطاوعني النوم بعد طول انتظار.
يرن جرس الساعة، فأحمل جسدي بتثاقل، وأتجه صوب الحمام حتى أتوضأ، فأصلي بضع ركعات، ثم أرتدي ملابسي الشتائية، وأبحث في جيبي عن بضعة دراهم، وأنزل الدرج متجها نحو الفرن. أجد المكان مزدحما بالنساء أكثر من الرجال، فأتساءل في خلدي عن ما يفعله الرجال في البيت، والموانع الحائلة دون تواجدهم أمام الفرن عوض نسائهم، لكني لا أظفر بجواب يشفي الغليل، فيحين دوري وأبتاع الخبز، ثم أعود إلى البيت متسللا، وأعد فطوري البسيط متثائبا.
أتناول فطوري والهاتف في يدي اليسرى، أتصفح الأخبار الصباحية، وأمعن النظر والتفكير في الوضع الاجتماعي، يهمني المجتمع وقضاياه أكثر من اهتمامي بالسياسة والاقتصاد. أجدني في حركة المجتمع الدائبة أكثر من قضايا أخرى.
أقرأ أخبارا عن الاحتجاج التعليمي المغربي، وأمعن النظر في كل تصريحات الفريقين، أقصد الجهات الرسمية المسؤولة والأساتذة المتضررين، وتتفاعل نفسي مع هذه الأخبار بين الإيجاب والسلب، ثم أنظر إلى الساعة التي تشير إلى الحادية عشرة صباحا.
أغلق الباب بهدوء، وأنزل الدرج متعجلا، فأجدني مندمجا في الشارع بعد بضع خطوات، أرى وأُرى، أبتسم ويُبتسم لي، فأمضي على هذه الحال حتى أبلغ المقهى. أبحث عن كرسي شاغر، وأجلس مطمئن البال، تمر دقيقة أو دقيقتان فتكون قهوتي السوداء جاهزة، يعرفني النادل كما يعرف الزبناء الآخرين، كانت خمس سنوات كافية ليعرف كل منا صاحبه. أتجرع قهوتي هادئا، وأتصفح الهاتف بتؤدة، فترمق عيناي جريدة، أقفز نحوها وأفتح أوراقها واحدة عقب أخرى، يصيبني الملل من التكرار والاجترار، فأردد متمتما ˝لا جديد تحت الشمس˝.
يسرح بصري في من يدخلون المقهى ويغادرونه، أمعن النظر في شخص يلفت نظري، أرقب حركاته وسكناته خلسة، ويزداد اهتمامي به كلما صدرت عنه حركة ما. يجلس أمامي رجل اشتعلتْ رأسه شيبا، جسده نحيف جدا، وعيناه ضيقتان كأنه صيني، يرتدي جاكيتا جلديا قديما، وسروالا ذا بُقع ورُقع كثيرة، وينتعل حذاءً جلديا بُنيَّ اللون، له مقدمةٌ تشبه رأس أفعى سامة، وتعلوه خروق وشقوق.
يحتسي قهوته مائل الظهر، ينظر إلى شيء أمامه، يحرك يده صوب هذا الشيء، أتململ في كرسيَّ، فأرى أنه ينظر إلى هاتفه على الطاولة، أعاود النظر إليه خلسة، يشدهني منظره على بعد أمتار قليلة: ظهرٌ مُنحن نحو الأمام، وعينان ضيقتان كأنه نائم، أو راهبٌ يتمتم بدعوات ما، ويؤدي طقسا تعبديا مهابا.
يلتفت نحوي فجأة، يرمقني بعينيه الضيقتين، فيبتسم لي وهو يلوح بيده اليمنى، أرد عليه بالحركة والابتسامة نفسيهما. يسألني، وقد كشف عن فمٍ خالٍ من الأسنان:
أين وصلتم؟
أرد عليه بصوت مرتفع:
لم نصل إلى شيء ذي مصداقية بعد.
يحك رأسه بحركة سريعة، ثم يعقب مستنكرا:
لا، لقد قالوا في الأخبار إنهم رفعوا من أجوركم.
صمتَ برهة، ثم أضاف مبتسما:
مبارك عليكم، نحتاج دعوة إلى مأدبة.
ابتسمت بدءا، ثم سرعان ما انفجرت ضحكتي التي لفتت إلي الأنظار، فقلت موضحا:
لم تكن الزيادة هدفا أولا لنا..
يرمقني بالنظرات المستنكرة نفسها، فأردف بجدية أكثر:
نريد الكرامة الإنسانية أولا، ثم بعد ذلك تأتي المطالب الأخرى.
الله يجعل لكم مخرجا.
أرد بلفظة ˝آمين˝، ثم أطأطئُ رأسي منغمسا في الكتاب الذي أحمله معي، لكني لاحظت أن هذا الرجلَ العجوزَ يفكر في أمر ما، أحسست أن في نفسه كلاما كثيرا يريد قوله، فبادرته مبتسما:
الحمد لله أنكم واعون بمشروعية نضال ومطالب الأساتذة.
فرد وعلامات الغضب تطفو على وجهه:
أنا أستاذ متقاعد يا ولدي، لقد قضيت زهرة عمري في التعليم.
سألته ووقْعُ المفاجأة يغمرني:
لم أتفطن لهذا الأمر، ما شاء الله يا أستاذ.
حرك رأسه ونشوة فخر تغزو ملامحه، فسألته:
كم سنة قضيت؟
أربعون سنة كلها عمل ونشاط.
ما شاء الله
أفنيت عمري وصحتي معهم، والنتيجة أمامك.
قلت له مخففا من أمواج الحزن المتلاطمة في غياهب نفسه:
أجركم على الله تعالى، أما البشر فلا تنتظر منهم فضلا أو اعترافا بجميلك.
ما يسعدني هو لقاء تلاميذي الذين ولجوا وظائف مختلفة.
خير الثمار قطفتَ وجنيتَ.
فعلا يا ولدي، ولكني فقدتُ صحتي.
توقفت لحظة أمام كلماته الحزينة، وفكرت في مصير كل من أحبَّ هذه المهنةَ النبيلةَ، فسألتُ نفسي إن كان مصيري سيكون مثله، وعن الأسباب التي تجعل هؤلاء الرجال المحاربين يعانون الويلات أثناء عملهم وبعده.
خاطبني بكلمات مؤثرة، حاول من خلالها إطالة عمر الحوار بيننا:
كانوا مستخفين بنا، ومستغلين لصمتنا وتساهلنا، ولكنكم جيل أعاد للمهنة هيبتها وقيمتها، أنتم الجيل الذي سيحقق ما عجزنا عنه سنوات طوالا.
ابتسمت ابتسامة حزينة، ولأن نفسي لم تعد تطيق ألما وحزنا، قلت:
لكل زمن أناسه وظروفه الخاصة، ولكنا نرجو الله أن ينعم علينا وعليكم بالصحة والعافية.
ردد لفظة ˝آمين˝ بصوت خافت، ثم انغمس في طقسه التعبدي، وعدت إلى كتابي أتصفحه، بيد أني لم أكن أقرأ بقدر ما كنت أفكر في مصيرنا، وفي الأوضاع المضطربة التي تغمرنا من كل جانب، فتخطف الفرحة من قلوبنا المرهفة، والابتسامة من وجوهنا السمحة. كنت أتساءل لمَ يتلذذ الإنسان بتعذيب أخيه الإنسان، ولا يعترف له بفضل أو جميل.
أغلقت دفتي الكتاب، أدخلته في محفظتي بيدي المرتعشة، ثم دفعت ثمن قهوتي وقهوة الأستاذ المتقاعد، الميت القاعد، وانصرفت بعدما ودعته بكلمات رقيقة وابتسامة خجولة، فوجدتني في الشارع أتحرك كالحشرة وسط الضجيج والازدحام الشديدين، وأخطو خطواتي صوب البيت . ❝
❞ غَرّس الله كرامة أوليائه ثّم ختم عليها ، فلا أذن سمعت بها ولا عين نظرت إليها ، فإذا كان يوم الجزاء فُضّت تلك الختوم ، وظهر السر المكتوم ، فندم أهل التقصير حين لا ينفع الندم ، ونادى مُنادي الكرم سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ❝ ⏤أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
❞ غَرّس الله كرامة أوليائه ثّم ختم عليها ، فلا أذن سمعت بها ولا عين نظرت إليها ، فإذا كان يوم الجزاء فُضّت تلك الختوم ، وظهر السر المكتوم ، فندم أهل التقصير حين لا ينفع الندم ، ونادى مُنادي الكرم سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم . ❝
❞ مقتبس من قصة (الشاعر)
كان الطفل يرى أنه اذا خير بين ألعابا كثيرة وأمه فسيختار حتما أمه .
وفجاة تنامى إلى سمع الطفل أن معلمته اختارته لمسابقة القاء الشعر لالقاء القصائد أمام أعضاء لجنة التحكيم ..
كان الطفل يهوى القاء القصائد لكنه لم يكن يعرف كيف يصوغها ويرتبها ..
ذهب لأمه يخبرها بالأمر ويدعوها لحضور الحفل ورؤيته وهو يلقي الشعر .. كان الطفل سعيدا وهو يخبرها بالأمر لكنها حزنت وبدا وجهها ممتعضا وهى تخبره بعدم مقدرتها على الحضور ..
ظل الطفل يلّح في طلبه علها تستجيب له لكنها أصرت على عدم الحضور ، كان الطفل يتلقى تدريباته في المدرسة على القاء القصائد وذهنه مشغول بعدم حضور والدته .. فكر أن يخبر المعلمة فمن الممكن أن تساعده في الأمر ، لكن المعلمة اندهشت للفكرة وأخبرته بعدم أهمية حضورها .
اقترب موعد المسابقة وهويتابع تدريباته بغير حماس ..
ذهب في اليوم الأول وقد تناول افطارا شهيا من صنع والدته التي ودعته على الباب وأخذت تدعو له .
انطلق في المسابقة يتلو بحنجرته روائع الكلمات وقد كسا صوته حزن شفيف ، استمع المنظمون للمسابقة لصوته وهم منبهرون به وأخبروه بضرورة الحضور غدا للتصفيات ..
حمل أوراقه وعاد لوالدته .. أخبرها بسعادة لجنة الحكام بصوته و طريقة القاءه القصائد وأخبرها بضرورة الحضور غداً .
أطرقت الام براسها فى حيرة وهى تسأله :
- كيف أ ستطيع الحضور ..؟؟
أجابها : - سأخذك معى ولن تمانع المعلمة في حضورك معنا .
أجابت الأم : - سأحاول .
فرح الطفل وأخذ يلهو قليلا بلعبه ثم راح في نوم عميق ولما أفاق لم يجد السيدة التي كانت معه بالأمس .. فتش عنها في أنحاء الغرفة فلم يجدها، ظل يناديها طويلا لكن ما من مجيب
ظل جالسا طوال اليوم في غرفته ينتظر ظهور المرأة من جديد .. لكن الخواء الذي صار يملأ المكان لم يتغير .
ظل الطفل يبكي طوال الليل ويتحسس مكانها وعيناه تذرفان دما من الحزن، وفي الصباح حمل قصائده وذهب إلى المسابقة .
استقبلته المعلمة عند باب اللجنة وهى تسأله عن عدم حضوره، وسبب احمرار عينيه ووجنتيه؟
أجهش الطفل بالبكاء ثانية وهو يقول لها :
- لقد رحلت أمى من جديد .
نظرت إليه بعطف وهي تقول :- ألا يرضيك أن أكون مثل والدتك ، سأحضر معك المسابقة وأصفق لك .
وبحركة لا شعورية منه ارتمى في أحضانها بينما هي أخذت تربت على ظهره ورأسه .
كان أداءه للقصائد مبهرا و حزينا حد البكاء .. تلتمع عيناه بالغيوم التى تنذر بالامطار .. يعلو صوته وينخفض كما علمته المعلمة التي صارت تنظر إليه وتشجعه .
حتى إذا انتهى وصفق له الحاضرون أحس بانكسار قلبه وانزوى في ركن مظلم .
ذهبت إليه المعلمة تخبره بفوزه بالجائزة الأولى وأن أعضاء لجنة التحكيم معجبون به بشدة وغدا سيعطونه الجائزة الكبرى .
رفع رأسه وهو يقول لها :
- وهل ستتمكن أمي من الحضور غدا؟؟
أجابت المعلمة : - إنها تشعر بك، وتفرح لتفوقك وسعادتك، ومن الممكن أن تأتي إليك ثانية كما جاءت إليك سابقا. ❝ ⏤سوسن حمدي محفوظ
❞ مقتبس من قصة (الشاعر)
كان الطفل يرى أنه اذا خير بين ألعابا كثيرة وأمه فسيختار حتما أمه .
وفجاة تنامى إلى سمع الطفل أن معلمته اختارته لمسابقة القاء الشعر لالقاء القصائد أمام أعضاء لجنة التحكيم ..
كان الطفل يهوى القاء القصائد لكنه لم يكن يعرف كيف يصوغها ويرتبها ..
ذهب لأمه يخبرها بالأمر ويدعوها لحضور الحفل ورؤيته وهو يلقي الشعر .. كان الطفل سعيدا وهو يخبرها بالأمر لكنها حزنت وبدا وجهها ممتعضا وهى تخبره بعدم مقدرتها على الحضور ..
ظل الطفل يلّح في طلبه علها تستجيب له لكنها أصرت على عدم الحضور ، كان الطفل يتلقى تدريباته في المدرسة على القاء القصائد وذهنه مشغول بعدم حضور والدته .. فكر أن يخبر المعلمة فمن الممكن أن تساعده في الأمر ، لكن المعلمة اندهشت للفكرة وأخبرته بعدم أهمية حضورها .
اقترب موعد المسابقة وهويتابع تدريباته بغير حماس ..
ذهب في اليوم الأول وقد تناول افطارا شهيا من صنع والدته التي ودعته على الباب وأخذت تدعو له .
انطلق في المسابقة يتلو بحنجرته روائع الكلمات وقد كسا صوته حزن شفيف ، استمع المنظمون للمسابقة لصوته وهم منبهرون به وأخبروه بضرورة الحضور غدا للتصفيات ..
حمل أوراقه وعاد لوالدته .. أخبرها بسعادة لجنة الحكام بصوته و طريقة القاءه القصائد وأخبرها بضرورة الحضور غداً .
أطرقت الام براسها فى حيرة وهى تسأله :
كيف أ ستطيع الحضور ..؟؟
أجابها : سأخذك معى ولن تمانع المعلمة في حضورك معنا .
أجابت الأم : سأحاول .
فرح الطفل وأخذ يلهو قليلا بلعبه ثم راح في نوم عميق ولما أفاق لم يجد السيدة التي كانت معه بالأمس .. فتش عنها في أنحاء الغرفة فلم يجدها، ظل يناديها طويلا لكن ما من مجيب
ظل جالسا طوال اليوم في غرفته ينتظر ظهور المرأة من جديد .. لكن الخواء الذي صار يملأ المكان لم يتغير .
ظل الطفل يبكي طوال الليل ويتحسس مكانها وعيناه تذرفان دما من الحزن، وفي الصباح حمل قصائده وذهب إلى المسابقة .
استقبلته المعلمة عند باب اللجنة وهى تسأله عن عدم حضوره، وسبب احمرار عينيه ووجنتيه؟
أجهش الطفل بالبكاء ثانية وهو يقول لها :
لقد رحلت أمى من جديد .
نظرت إليه بعطف وهي تقول : ألا يرضيك أن أكون مثل والدتك ، سأحضر معك المسابقة وأصفق لك .
وبحركة لا شعورية منه ارتمى في أحضانها بينما هي أخذت تربت على ظهره ورأسه .
كان أداءه للقصائد مبهرا و حزينا حد البكاء .. تلتمع عيناه بالغيوم التى تنذر بالامطار .. يعلو صوته وينخفض كما علمته المعلمة التي صارت تنظر إليه وتشجعه .
حتى إذا انتهى وصفق له الحاضرون أحس بانكسار قلبه وانزوى في ركن مظلم .
ذهبت إليه المعلمة تخبره بفوزه بالجائزة الأولى وأن أعضاء لجنة التحكيم معجبون به بشدة وغدا سيعطونه الجائزة الكبرى .
رفع رأسه وهو يقول لها :
وهل ستتمكن أمي من الحضور غدا؟؟
أجابت المعلمة : إنها تشعر بك، وتفرح لتفوقك وسعادتك، ومن الممكن أن تأتي إليك ثانية كما جاءت إليك سابقا . ❝
❞ *كيف لمكانٍ خالي من البشر أن يجعل قلبي يرفرف هٰكذا*
طلتكَ كطلة القمر في ضيائه، تسحر من يراك بعيونك الجذابة، أبحث عن راحة بالي، ولم أجدها سوى في هذا المكان الخلاب، نالسي البحر تملأ المكان، والأشجار الخضراء التي تأسر قلبي، كثرة الراحة التي تتسلل إلى قلبي؛ فيمتليء بالفرحة مُهللًا بالسعادة، يتراقص قلبي من هذا الجو المريح، نظرت إلى ذلك اليخت المصفوف بجانبي، وتخيلتك تُناديني؛ لأركب معكَ ونسير في جولتنا، ركبت معكَ وقلبي يتقافز من السعادة،يرفرفر فرحًا كأجنحة العصافير، فأغمضت عينايَ لأستقبل نسمات الهواء على وجهي، تُداعب وجنتي، والسماء الصافية تُنير قلبي، أنظر باحثة عنكَ؛ كي أرى بندقية عينيك، التي تشبه لون الجبال في جمالها، أعطى لها الضوء لونًا جذابًا، جعلني أسيرُ نحوها خطوة تلو الأخرى، هٰكذا عيناك تجعل جليد قلبي يذوب وتسحره، أتساءل: كيف لمكانٍ خالي من البشر أن يجعل قلبي يرفرف هٰكذا؟
وجدت أن الراحة تكون في وجودك فقط، ولا أُريد وجود أحدًا غيرك، أفضل العيش هٰكذا دون مصائب تفجع قلبي ألمًا، تلك المناظر التي تجعلني أركض إليك، وأحتضنك من جمالها؛ فلم أرى أجمل من هذا المكان!
نجلس سويًا أمام تلك الأمواج العالية، أعشق ذلك الجو المريح لعيني معكَ فقط، انظر إليك بابتسامةٍ حقيقة تُزين شفتاي، وعينايَ ترقرق بالدموعِ فرحًا مستنجدة بكَ؛ لتهطُل دون توقف، ليس حزنًا، ولكنها من كثرة سعادتي.
گ/إنجي محمد˝بنت الأزهر˝. ❝ ⏤گ/انجى محمد "بنت الأزهر"
❞ كيف لمكانٍ خالي من البشر أن يجعل قلبي يرفرف هٰكذا
طلتكَ كطلة القمر في ضيائه، تسحر من يراك بعيونك الجذابة، أبحث عن راحة بالي، ولم أجدها سوى في هذا المكان الخلاب، نالسي البحر تملأ المكان، والأشجار الخضراء التي تأسر قلبي، كثرة الراحة التي تتسلل إلى قلبي؛ فيمتليء بالفرحة مُهللًا بالسعادة، يتراقص قلبي من هذا الجو المريح، نظرت إلى ذلك اليخت المصفوف بجانبي، وتخيلتك تُناديني؛ لأركب معكَ ونسير في جولتنا، ركبت معكَ وقلبي يتقافز من السعادة،يرفرفر فرحًا كأجنحة العصافير، فأغمضت عينايَ لأستقبل نسمات الهواء على وجهي، تُداعب وجنتي، والسماء الصافية تُنير قلبي، أنظر باحثة عنكَ؛ كي أرى بندقية عينيك، التي تشبه لون الجبال في جمالها، أعطى لها الضوء لونًا جذابًا، جعلني أسيرُ نحوها خطوة تلو الأخرى، هٰكذا عيناك تجعل جليد قلبي يذوب وتسحره، أتساءل: كيف لمكانٍ خالي من البشر أن يجعل قلبي يرفرف هٰكذا؟
وجدت أن الراحة تكون في وجودك فقط، ولا أُريد وجود أحدًا غيرك، أفضل العيش هٰكذا دون مصائب تفجع قلبي ألمًا، تلك المناظر التي تجعلني أركض إليك، وأحتضنك من جمالها؛ فلم أرى أجمل من هذا المكان!
نجلس سويًا أمام تلك الأمواج العالية، أعشق ذلك الجو المريح لعيني معكَ فقط، انظر إليك بابتسامةٍ حقيقة تُزين شفتاي، وعينايَ ترقرق بالدموعِ فرحًا مستنجدة بكَ؛ لتهطُل دون توقف، ليس حزنًا، ولكنها من كثرة سعادتي.