❞ ملخص كتاب ❞ البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي
نحو بيان قرآني للدعوة الإسلامية
فريد الأنصاري❝ المقدمة: إن (البيان الدعوي القرآني) هو محاولة للعودة بالأمة من جديد إلى القرآن: رسالة رب الكون إلى الناس في هذه الأرض. لقد أتى زمن على قطاعات من الحركة الإسلامية نسيت فيه كتاب الله تعالى، وهجرته هجرانا غريبًا. ثم صارت إلى تقديس مقولات فكرية اجتهادية، كان لها دورها الفقهي في زمانها ومكانها، فتغير الزمان وربما حتى المكان، ولكن كثيرًا من الإسلاميين لم يغيروا تلك المقولات؛ فأصبحت بين أيديهم أوثانًا تُعبَد من دون الله. حلت نصوصها محل القرآن، وحلت شروحها محل السنة. إن الاختيار الإسلامي القاصر على حصر العمل الإسلامي في الشأن السياسي يسلب الإنسان التفكير الكلي، وإن ادعى عكس ذلك. وهذا أخطر؛ ذلك أن علاقة السياسي بالديني في الإسلام هي علاقة الجزئي بالكلي؛ وإذن فإن التعامل مع الكلي الديني من خلال الجزئي السياسي هو قلب للميزان. وتشويه للعمل الدعوي، بل تحريف له وتضليل. وسيأتي بيان ذلك في الكتاب من النواحي المختلفة.
1- الطبيعة (الدعوية) للحركة الإسلامية: لنتفق أولا علي أننا لا نلغي الأسباب والعلل، في تفسير الظاهرة الإسلامية الحركية، من حيث هي ظاهرة اجتماعية، بشرية، علي درجة معينة. إن الدين الإسلامي بطبيعته ينتج بشكل تلقائي ظاهرة (التجديد الديني)، أو (الحركة الإسلامية)، أو (الصحوة الإسلامية)، أو (الدعوة إلي الله)، أو (إقامة الدين)، وهي عندي ألفاظ وأسماء لمسميً واحد، مهما اختلفت التنزيلات. فالأسماء والمصطلحات تنتجها ثقافات، تمامًا كالأسماء الأخري لظاهرة التجديد الديني، التي أنتجها (الغرب) والتي لا تخلو من اتهام بقصد أو بغير قصد من أمثال (الإسلام السياسي)، و(الأصولية)، و(الإسلاموية)، أو (الإسلامانية) و(التطرف الديني)، و(الظلامية)... إلي غير ذلك من ألفاظ السبّ، التي يزخر بها القاموس العلماني اللاديني، ويعتمدها في معالجة قضية (التجديد الديني).
إنه يجب لفهم هذه الظاهرة أن نفهم أمرين أساسين من طبيعة هذا الدين: الأمر الأول هو أن الإسلام دين (وجودي)، بمعني أنه يقدم تفسيرًا خاصًا للوجود، ويضع الإنسان في موقع معين منه؛ مجيبًا عن الأسئلة الوجودية الخالدة: (من أين؟ وإلي أين؟ وكيف؟ ولماذا؟). إنه بقدر ما يملأ القلب سكينة وطمأنينة وينفي عنه القلق النفسي، الناتج عن تأمل الموت والحياة والمصير؛ فإنه يملأه حيرة تدبرية وتفكرية تؤول إ،ي الخضوع التعبدي، عند تأمل بحر الغيب الذي إليه يرجع تفسير هذا العالَم. والأمر الثاني هو أن الإسلام دين (دعوي) بامتياز، وهو الشق الثاني للعقيدة الإسلامية، أو كما يسميه علماء التوحيد (توحيد الاتباع)، أي الذي به يتم عنوان الإسلام بعد شهادة أن (لا إله إلا الله) فنشهد أننا نتلقي ذلك بشهادة أن (محمدًا رسول الله)؛ متبعين لما جاء به عن الله، وذلك أنه جاء إلي الناس علي أنه رسول يحمل (رسالة). وهذا أمر يجعل المسلم يتحمل (تكاليف) الدين (الدعوية). هذا المعني الساري في كل الأعمال التعبدية، الاعتقادية والعملية؛ بدءًا بالصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر؛ وانتهاءً بالجهاد في سبيل الله، الذي يخوض غمار التدافع القتالي.
فالإسلام بطبيعته دين (حركي) غير (سكوني)؛ من حيث أنه يبني كل قضاياه العقدية والتشريعية علي (الإصلاح) للناس وبين الناس. سواء كان ذلك بمنطق الدعوة إلي الله عمومًا، أو بمنطق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خصوصًا، وسواء كان ذلك من داخل البيئة الإسلامية، أو كان من خارجها. أما القرآن الكريم، فقد تواتر فيه مفهوم الإصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بألفاظ متعددة، لكنها جميعها مجمعة علي أن مفهوم (الإصلاح) عبادة من العبادات المقرونة بالصلاة والزكاة. وهذا المعني كثير جدًّا، نذكر منه أمثلة، مثل قوله تعالي علي سبيل التقرير: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، وقال تعالي: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيما". وأما السنة؛ فبحرها زاخر (بالتدين الدعوي)؛ إذ يصعب جدًا حصر النصوص في ذلك، أو إحصاؤها. ويكفي أن نعلم أنه قد تواتر وجوب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وذلك في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه (حذيفة بن اليمان) -إذ قال: "والذي نفسي بيده لتأمُرُنّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر أو لَيُوشِكَنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لَتَدْعُنّه فلا يستجيب لكم". ❝ ⏤فريد الأنصاري
ملخص كتاب ❞ البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي
نحو بيان قرآني للدعوة الإسلامية
فريد الأنصاري❝
المقدمة: إن (البيان الدعوي القرآني) هو محاولة للعودة بالأمة من جديد إلى القرآن: رسالة رب الكون إلى الناس في هذه الأرض. لقد أتى زمن على قطاعات من الحركة الإسلامية نسيت فيه كتاب الله تعالى، وهجرته هجرانا غريبًا. ثم صارت إلى تقديس مقولات فكرية اجتهادية، كان لها دورها الفقهي في زمانها ومكانها، فتغير الزمان وربما حتى المكان، ولكن كثيرًا من الإسلاميين لم يغيروا تلك المقولات؛ فأصبحت بين أيديهم أوثانًا تُعبَد من دون الله. حلت نصوصها محل القرآن، وحلت شروحها محل السنة. إن الاختيار الإسلامي القاصر على حصر العمل الإسلامي في الشأن السياسي يسلب الإنسان التفكير الكلي، وإن ادعى عكس ذلك. وهذا أخطر؛ ذلك أن علاقة السياسي بالديني في الإسلام هي علاقة الجزئي بالكلي؛ وإذن فإن التعامل مع الكلي الديني من خلال الجزئي السياسي هو قلب للميزان. وتشويه للعمل الدعوي، بل تحريف له وتضليل. وسيأتي بيان ذلك في الكتاب من النواحي المختلفة.
لنتفق أولا علي أننا لا نلغي الأسباب والعلل، في تفسير الظاهرة الإسلامية الحركية، من حيث هي ظاهرة اجتماعية، بشرية، علي درجة معينة. إن الدين الإسلامي بطبيعته ينتج بشكل تلقائي ظاهرة (التجديد الديني)، أو (الحركة الإسلامية)، أو (الصحوة الإسلامية)، أو (الدعوة إلي الله)، أو (إقامة الدين)، وهي عندي ألفاظ وأسماء لمسميً واحد، مهما اختلفت التنزيلات. فالأسماء والمصطلحات تنتجها ثقافات، تمامًا كالأسماء الأخري لظاهرة التجديد الديني، التي أنتجها (الغرب) والتي لا تخلو من اتهام بقصد أو بغير قصد من أمثال (الإسلام السياسي)، و(الأصولية)، و(الإسلاموية)، أو (الإسلامانية) و(التطرف الديني)، و(الظلامية)... إلي غير ذلك من ألفاظ السبّ، التي يزخر بها القاموس العلماني اللاديني، ويعتمدها في معالجة قضية (التجديد الديني).
إنه يجب لفهم هذه الظاهرة أن نفهم أمرين أساسين من طبيعة هذا الدين: الأمر الأول هو أن الإسلام دين (وجودي)، بمعني أنه يقدم تفسيرًا خاصًا للوجود، ويضع الإنسان في موقع معين منه؛ مجيبًا عن الأسئلة الوجودية الخالدة: (من أين؟ وإلي أين؟ وكيف؟ ولماذا؟). إنه بقدر ما يملأ القلب ....... [المزيد]
إن حركات الوعي الإسلامي، كانت وما تزال تعيش وجدانيًا علي هذا الرصيد الديني الضخم، من المقاصد التعبدية للعمل الإصلاحي، بشتي أنواعه، وتستمد منه بوعي أو بغير وعي. مهما اختلفت التنزيلات، بين التشدد واللين، ومهما تباينت التفسيرات، أو حتي أخطأت؛ فالثابت لديها جميعًا واحد: هو التعبد، والتأثم من ترك واجب الدعوة إلي الله، أو واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم إن ظاهرة التجديد الديني المعاصرة، أو الحركات الإسلامية، ليست وليدة اليوم فحسب. إن الرصيد الديني الذي كانت تتغذي منه الحركات الإصلاحية عبر التاريخ هو نفسه الذي ما يزال مصدر التغذية للحركات المعاصرة، وإنما الذي تغير هو الوسيلة، والأهداف الإجرائية الظرفية، لا الأهداف الكبري. تمامًا كما تغير اللباس عند الناس، وتحول السيف لدي المقاتل إلي بندقية رشاشة، أو (أوتوماتيكية) أو أي سلاح جديد.
ومن الإمام (محمد بن عبد الوهاب)، إلي الإمام (جمال الدين الأفغاني)، و(محمد عبده)، و(رشيد رضا)، و(محب الدين الخطيب)، والإمام (حسن البنا)، والأستاذ (بديع الزمان سعيد النورسي)... إلخ. رغم اختلاف التوجهات والاجتهادات ....... [المزيد]
3- المرتبة التشريعية للأحكام السياسية
4- الفقه السياسي الإسلامي المعاصر
5- الحركة الإسلامية المعاصرة ونفسية الصدام السياسي
6- نحو بيان قرآني للدعوة الإسلامية: لماذا؟ وكيف؟
7- الدعوة إلي الله، لا إلي الأحزاب والهيئات
8- بعث الرسالة القرآنية، وسلّم الأولويات في الحركات المعاصرة
❞ إن رغبة التدين في الناس - مهما قد يبدو عليها من ضمور وفتور - طاقة متدفقة مثل الماء ، متى تحبسه في اتجاه يتسرب - بصورة تلقائية - في اتجاه آخر قد لا تحمد عقباه !. ❝ ⏤فريد الأنصاري
❞ إن رغبة التدين في الناس مهما قد يبدو عليها من ضمور وفتور طاقة متدفقة مثل الماء ، متى تحبسه في اتجاه يتسرب بصورة تلقائية في اتجاه آخر قد لا تحمد عقباه ! . ❝
❞ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان هذا جواب القسم ، وأراد بالإنسان : الكافر . قيل : هو الوليد بن المغيرة . وقيل : كلدة بن أسيد . فعلى هذا نزلت في منكري البعث . وقيل : المراد بالإنسان آدم وذريته . في أحسن تقويم وهو اعتداله واستواء شبابه كذا قال عامة المفسرين . وهو أحسن ما يكون ; لأنه خلق كل شيء منكبا على وجهه ، وخلقه هو مستويا ، وله لسان ذلق ، ويد وأصابع يقبض بها . وقال أبو بكر بن طاهر : مزينا بالعقل ، مؤديا للأمر ، مهديا بالتمييز ، مديد القامة يتناول مأكوله بيده .
ابن العربي : ( ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حيا عالما ، قادرا مريدا متكلما ، سميعا بصيرا ، مدبرا حكيما . وهذه صفات الرب سبحانه ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : ˝ إن الله خلق آدم على صورته ˝ يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها . وفي رواية ˝ على صورة الرحمن ˝ ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة ، فلم يبق إلا أن تكون معاني ) .
وقد أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الأزدي قال : أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسن عن أبيه قال : كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما : أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقتني . وبات بليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور ، فأخبره الخبر ، وأظهر للمنصور جزعا عظيما فاستحضر الفقهاء واستفتاهم . فقال جميع من حضر : قد طلقت إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة ، فإنه كان ساكتا . فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم : والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . يا أمير المؤمنين ، فالإنسان أحسن الأشياء ، ولا شيء أحسن منه . فقال المنصور لعيسى بن موسى : الأمر كما قال الرجل ، فأقبل على زوجتك . وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل : أن أطيعي زوجك ولا تعصيه ، فما طلقك .
فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق الله باطنا وظاهرا ، جمال هيئة ، وبديع تركيب : الرأس بما فيه ، والصدر بما جمعه ، والبطن بما حواه ، والفرج وما طواه ، واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه . ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه. ❝ ⏤كاتب غير معروف
❞ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان هذا جواب القسم ، وأراد بالإنسان : الكافر . قيل : هو الوليد بن المغيرة . وقيل : كلدة بن أسيد . فعلى هذا نزلت في منكري البعث . وقيل : المراد بالإنسان آدم وذريته . في أحسن تقويم وهو اعتداله واستواء شبابه كذا قال عامة المفسرين . وهو أحسن ما يكون ; لأنه خلق كل شيء منكبا على وجهه ، وخلقه هو مستويا ، وله لسان ذلق ، ويد وأصابع يقبض بها . وقال أبو بكر بن طاهر : مزينا بالعقل ، مؤديا للأمر ، مهديا بالتمييز ، مديد القامة يتناول مأكوله بيده .
ابن العربي : ( ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حيا عالما ، قادرا مريدا متكلما ، سميعا بصيرا ، مدبرا حكيما . وهذه صفات الرب سبحانه ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : ˝ إن الله خلق آدم على صورته ˝ يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها . وفي رواية ˝ على صورة الرحمن ˝ ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة ، فلم يبق إلا أن تكون معاني ) .
وقد أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الأزدي قال : أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسن عن أبيه قال : كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما : أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقتني . وبات بليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور ، فأخبره الخبر ، وأظهر للمنصور جزعا عظيما فاستحضر الفقهاء واستفتاهم . فقال جميع من حضر : قد طلقت إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة ، فإنه كان ساكتا . فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم : والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . يا أمير المؤمنين ، فالإنسان أحسن الأشياء ، ولا شيء أحسن منه . فقال المنصور لعيسى بن موسى : الأمر كما قال الرجل ، فأقبل على زوجتك . وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل : أن أطيعي زوجك ولا تعصيه ، فما طلقك .
فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق الله باطنا وظاهرا ، جمال هيئة ، وبديع تركيب : الرأس بما فيه ، والصدر بما جمعه ، والبطن بما حواه ، والفرج وما طواه ، واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه . ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه . ❝
❞ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
قوله تعالى : فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا الضمير في قوله : بينهما للبحرين ; قاله مجاهد . والسرب المسلك ; قاله مجاهد . وقال قتادة : جمد الماء فصار كالسرب .
وجمهور المفسرين أن الحوت بقي موضع سلوكه فارغا ، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت ، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر ، وفيها وجد الخضر . وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر وقوله : نسيا حوتهما وإنما كان النسيان من الفتى وحده فقيل : المعنى ; نسي أن يعلم موسى بما رأى من حاله فنسب النسيان إليهما للصحبة ، كقوله - تعالى - : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من الملح ، وقوله : يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم وإنما الرسل من الإنس لا من الجن وفي البخاري ; ( فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيرا ; فذلك قوله - عز وجل - : وإذ قال موسى لفتاه يوشع بن نون - ليست عن سعيد - قال فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه ; حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره ، وتضرب الحوت حتى دخل البحر ، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر ; قال لي عمرو : هكذا كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما ) وفي رواية ( وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار مثل الطاق ، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه : آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به ، فقال له فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) وقيل : إن النسيان كان منهما لقوله - تعالى - : نسيا فنسب النسيان إليهما ; وذلك أن بدو حمل الحوت كان منموسى لأنه الذي أمر به ، فلما مضيا كان فتاه الحامل له حتى أويا إلى الصخرة نزلا. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
قوله تعالى : فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا الضمير في قوله : بينهما للبحرين ; قاله مجاهد . والسرب المسلك ; قاله مجاهد . وقال قتادة : جمد الماء فصار كالسرب .
وجمهور المفسرين أن الحوت بقي موضع سلوكه فارغا ، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت ، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر ، وفيها وجد الخضر . وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر وقوله : نسيا حوتهما وإنما كان النسيان من الفتى وحده فقيل : المعنى ; نسي أن يعلم موسى بما رأى من حاله فنسب النسيان إليهما للصحبة ، كقوله تعالى : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من الملح ، وقوله : يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم وإنما الرسل من الإنس لا من الجن وفي البخاري ; ( فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيرا ; فذلك قوله عز وجل : وإذ قال موسى لفتاه يوشع بن نون ليست عن سعيد قال فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه ; حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره ، وتضرب الحوت حتى دخل البحر ، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر ; قال لي عمرو : هكذا كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما ) وفي رواية ( وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار مثل الطاق ، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه : آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به ، فقال له فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) وقيل : إن النسيان كان منهما لقوله تعالى : نسيا فنسب النسيان إليهما ; وذلك أن بدو حمل الحوت كان منموسى لأنه الذي أمر به ، فلما مضيا كان فتاه الحامل له حتى أويا إلى الصخرة نزلا . ❝