❞❝
❞ ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} 5، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ˝حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه˝ 6.
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: ˝ ... إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور ... ˝ 7.
ونؤمن بأن الله تعالى {لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 8.
ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} . ❝
❞ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ (47)
لا فيها غول أي لا تغتال عقولهم ، ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع . ولا هم عنها ينزفون أي لا تذهب عقولهم بشربها ، يقال : الخمر غول للحلم ، والحرب غول للنفوس ، أي : تذهب بها . ويقال : نزف الرجل ينزف فهو منزوف ونزيف إذا سكر . قال امرؤ القيس :
وإذ هي تمشي كمشي النزي ف يصرعه بالكثيب البهر
وقال أيضا :
نزيف إذا قامت لوجه تمايلت تراشي الفؤاد الرخص ألا تخترا
وقال آخر :
فلثمت فاها آخذا بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
وقرأ حمزة والكسائي بكسر الزاي ، من أنزف القوم إذا حان منهم النزف وهو السكر . يقال : أحصد الزرع إذا حان حصاده ، وأقطف الكرم إذا حان قطافه ، وأركب المهر إذا حان ركوبه . وقيل : المعنى : لا ينفدون شرابهم ; لأنه دأبهم ، يقال : أنزف الرجل فهو منزوف إذا فنيت خمره . قال الحطيئة :
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم لبئس الندامى كنتم آل أبجرا
النحاس : والقراءة الأولى أبين وأصح في المعنى ; لأن معنى ينزفون عند جلة أهل التفسير منهم مجاهد : لا تذهب عقولهم ، فنفى الله - عز وجل - عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها من الصداع والسكر . ومعنى ينزفون الصحيح فيه أنه يقال : أنزف الرجل إذا نفد شرابه ، وهو يبعد أن يوصف به شراب الجنة ، ولكن مجازه أن يكون بمعنى : لا ينفد أبدا . وقيل : " لا ينزفون " بكسر الزاي لا يسكرون ، ذكره الزجاج وأبو علي على ما ذكره القشيري . المهدوي : ولا يكون معناه يسكرون ; لأن قبله لا فيها غول . أي : لا تغتال عقولهم فيكون تكرارا ، ويسوغ ذلك في [ الواقعة ] . ويجوز أن يكون معنى لا فيها غول لا يمرضون ، فيكون معنى ولا هم عنها ينزفون لا يسكرون أو لا ينفد شرابهم . قال قتادة : الغول وجع البطن . وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد لا فيها غول قال : لا فيها وجع بطن . الحسن : صداع . وهو قول ابن عباس : لا فيها غول : لا فيها صداع . وحكى الضحاك عنه أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، فذكر الله خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال . مجاهد : داء . ابن كيسان : مغص . وهذه الأقوال متقاربة . وقال الكلبي : لا فيها غول أي : إثم ، نظيره : لا لغو فيها ولا تأثيم [ الطور : 23 ] . وقال الشعبي والسدي وأبو عبيدة : لا تغتال عقولهم فتذهب بها . ومنه قول الشاعر :
وما زالت الكأس تغتالنا وتذهب بالأول الأول
أي : تصرع واحدا واحدا . وإنما صرف الله تعالى السكر عن أهل الجنة لئلا ينقطع الالتذاذ عنهم بنعيمهم . وقال أهل المعاني : الغول فساد يلحق في خفاء . يقال : اغتاله اغتيالا إذا أفسد عليه أمره في خفية . ومنه الغول والغيلة : وهو القتل خفية . ❝
❞ ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلاً: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} 4.
ونؤمن بأن أولهم نوح، وآخرهم محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} 5، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} 6.
وأن أفضلهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى بن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} . ❝