█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ألفاظ كان ﷺ يَكرَه أن تُقال :
🔸️ومنها : الدعاء بدعوى الجاهلية ، والتعزي بعزائهم ، كالدُّعَاء إلى القبائل والعصبية لها وللأنساب ، ومثله التعصب للمذاهب والطرائق ، والمشايخ ، وتفضيل بعضها على بعض بالهوى والعصبية ، وكونه منتسباً إليه ، فيدعو إلى ذلك ، ويُوالي عليه ، ويُعادِي عليه ، ويَزِنُ الناس به ، كُلُّ هذا من دعوى الجاهلية🔸️ومنها : تسميةُ العِشَاء بالعَتَمَة ، تسمية غالبة يُهجر فيها لفظ العِشَاء🔸️ومنها : النهي عَن سِبَابِ المُسلم 🔸️وأن يتناجى اثنَانِ دُونَ الثَّالِث🔸️وأن تُخبر المرأةُ زَوجَهَا بِمَحَاسِنِ امرأةٍ أُخرى🔸️ومنها : أن يقول في دعائه: اللَّهمَّ اغْفِرْ لِي إِن شِئتَ وارحمني إن شئتَ🔸️ومنها : الإكثار مِنَ الحَلِفِ🔸️ومنها : أن يسأل أحَداً بِوَجهِ اللهِ🔸️ومنها : أن يسمي المدينة بيثرب🔸️ومنها أن يقول : صُمتُ رمضانَ كُلَّه، أو قمتُ اللَّيلَ كُلَّهُ🔸️ومنها الإفصاحُ عَنِ الأشياء التي ينبغي الكناية عنها بأسمائها الصريحة🔸️ومنها : أن يقول : أطال الله بقاءَك ، وأدامَ أيَّامَكَ🔸️ومنها : أن يقول الصائم وحق الذي خَاتِمه على فم الكافر ، وعشت ألف سنة ونحو ذلك🔸️ومنها : أن يقول : للمُكُوس : حقوقاً ، وأن يقول لِمَا يُنْفِقُهُ في طاعة الله : غَرِمْتُ أَو خَسِرْتُ كَذَا وَكَذَا : وأن يقول : أنفقت في هذه الدنيا مالاً كثيراً🔸️ومنها : أن يقول المفتي : أحل الله كذا ، وحرّم الله كذا في المسائل الاجتهادية ، وإنما يقولُه فيما ورد النص بتحريمه🔸️ومنها : أن يُسَمِّي أدلة القرآن والسنة ظواهر لفظية و مجازات ، فإن هذه التسمية تُسْقِط حُرمتها من القلوب ، ولا سيما إذا أضاف إلى ذلك تسمية شُبَهِ المتكلمين والفلاسفة قواطع عقلية ، فلا إله إلا الله ، كم حَصَلَ بهاتين التسميتين من فساد في العقول والأديان والدنيا والدين🔸️ومنها : أن يُحدث الرجلُ بجماع أهله ، وما يكونُ بينه وبينها ، كما يفعله السَّفَلَةُ🔸️ومما يكره من الألفاظ زعموا ، وذكروا ، وقالوا ، ونحوه🔸️ومما يُكره منها أن يقول للسلطان : خليفة الله ، أو نائب الله في أرضه ، فإن الخليفة والنائب إنما يكونُ عن غائب ، والله سبحانه وتعالى خليفة الغائب في أهله ، ووكيل عبده المؤمن🔸️التحذير من : آنا ، ولي ، وعندي ، وليحذر كل الحذر من طغيان «أنا ولي وعندي» ، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس ، وفرعون وقارون ، فأنا خير منه لإبليس ، ولي مُلكُ مِصْرَ لفرعون ، وإِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي لقارون ، وأحسنُ ما وُضِعَت «أنا» في قول العبد : أنا العبد المذنب المخطئ المستغفر المعترف ونحوه. «ولي» ، في قوله : لي الذنب ، ولي الجُرم ، ولي المسكنة ، ولي الفقر والذل ، «وعندي» في قوله : اغْفِرْ لي جِدّي ، وَهَزْلِي، وَخَطَئِي، وَعَمْدِي ، وكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي . ❝
❞ من العجيب أن التقدم الذي جاء بمزيد من وسائل الترف و الراحة و بمزيد من التسهيلات للإنسان.. قد قابله الإنسان بمزيد من الرفض و السخط و التبرم، فرأينا إحصائيات الانتحار ترتفع مع مؤشرات التقدم في كل بلد.. كلما ازداد البلد مدنيةً ازداد عدد الذين يطلقون على أنفسهم الرصاص و يلقون بأنفسهم من النوافذ و يبتلعون السم و يشربون ماء النار.. هذا غير الانتحار المستتر بالخمور و المخدرات و التدخين و المنومات و المسكنات و المنبهات.. و في مقدمة هؤلاء المنتحرين طلائع فن و فكر وثقافة تعود الناس أن يأخذوا عنهم الحكمة و العلم و التوجيه.
و وصلت الموجة إلى بلادنا فامتلأت أعمدة الصحف بأخبار ابتلاع السم و إطلاق الرصاص و الشنق و الحرق.. و قال المختصون إن نسبة الزيادة الإحصائية تجاوزت العشرين في المائة.. و هو رقم كبير.
و الازدياد متواصل سنة بعد سنة.
و السؤال.. لماذا.. و ما السر؟
و ما سبب الانتحار؟
و إذا تركنا التفاصيل جانباً و حاولنا تأصيل المشكلة وجدنا جميع أسباب الانتحار تنتهي إلى سبب واحد.. أننا أمام إنسان خابت توقعاته و لم يعد يجد في نفسه العزم أو الهمة أو الاستعداد للمصالحة مع الواقع الجديد أو الصبر على الواقع القديم.
إنها لحظة نفاد طاقة و نفاد صبر و نفاد حيلة و نفاد عزم.
لحظة إلقاء سلاح.. يأس.. ما يلبث أن ينقلب إلى اتهام و إدانة للآخرين و للدنيا ثم عداوة للنفس و للآخرين و للدنيا تظل تتصاعد و تتفاقم حتى تتحول إلى حرب من نوع مختلف يعلنها الواحد على نفسه و يشنها على باطنه، و في لحظة ذروة تلتقط يده السلاح لتقتلع المشكلة من جذورها.. و لتقتلع معها الإحساس المرير و ذلك بطمس العين التي تبصر و قطع اللسان الذي يذوق و تحطيم الدماغ الذي يفكر و تدمير اليد التي تفعل و القدم الذي يمشي.
و هو نوع من الانفراد بالرأي و الانفراد بالحل و مصادرة جميع الآراء الأخرى بل إنكار أحقية كل وجود آخر غير الذات.
و لهذا كانت لحظة الانتحار تتضمن بالضرورة الكفر بالله و إنكاره و إنكار فضله و اليأس من رحمته و اتهامه في صنعته و في عدله و رفض أياديه و رفض أحكامه و رفض تدخله.
فهي لحظة كبر و علو و غطرسة و استبداد.
و ليست لحظة ضعف و بؤس و انكسار.
و بدون هذا العلو و الكبر و الغطرسة لا يمكن أن يحدث الانتحار أبداً.
فالإنسان لا ينتحر إلا في لحظة دكتاتورية مطلقة و تعصب أعمى لا يرى فيه إلاّ نفسه.
و الانتحار في صميمه اعتزاز بالنفس و تأله و منازعة الله في ربوبيته.
و المنتحر يختار نفسه و يصادر كل أنواع الوجود الآخر في لحظة غل مطلق.. في لحظة جحيم..
و لهذا يقول الله أن من قتل نفسه يهوي إلى جحيم أبدي، لأنه قد اختار الغل و انتصر للغل و أخذ جانب الغل عند الاختيار النهائي للمصير.
و الانفراد المطلق في الرأي عصبية و غل و نارية إبليسية.. و النفس المتكبرة الأمارة بالسوء هي نار محضة و ظلمة..
و كل منا في داخله عدة احتمالات لنفوس متعددة.. في داخل كل منا نفس أمارة ظلمانية توسوس له بالشر و الشهوات.. و نفس لوامة نورانية تحضه على الخير ثم كل المراتب النفسية علواً و سفلاً فوق و تحت هاتين المنزلتين.
و كل نفس في حالة تذبذب مستمر بين هذه المراتب صاعدة هابطة فهي حيناً ترتفع إلى آفاق ملهمة و حيناً تهبط إلى مهاوٍ مظلمة شهوانية.
ثم في النهاية تستقر.. فإذا استقرت على الرفض و الكبر و الغطرسة و الغل ثم اقتلعت أسنانها و لسانها و سمعها و بصرها و قطعت رقبتها في غل نهائي لا مراجعة فيه.. هي قد اختارت الجحيم بالفعل.. بل إنها في ذاتها قبضة نار لا مكان لها إلا في الجحيم.
( ناراً وقودها الناس و الحجارة )
يقول ربنا إن هذه النفوس هي وقود النار و جمراتها و مصدر الطاقة النارية فيها، و معنى هذا أنها أشد نارية من النار.
و المنتحر يتصور أنه سوف يتخلص من نفسه، و لكن لا خلاص و لا مهرب لإنسان من ذاته، فهو لن يخرج بالانتحار إلى راحة، بل هو خارج من النار الصغرى إلى النار الكبرى و من النار الزمنية إلى النار الأبدية.
و لنتجنب هذا المصير فإننا لابد أن نتجنب المشكلة أصلاً.
و المشكلة أصلاً هي التعلق.. و من ليس له تعلق بشيء لا ينتحر لشيء.
و لا يجوز عند المؤمنين تعلق إلّا بالله فهو وحده جامع الكمالات، الدائم الباقي الذي لا يتغير و لا تخيب عنده التوقعات و لا تضيع الآمال.
و الله هو المحبوب وحده على وجه الأصالة و ما نحب في الآخرين إلا تجلياته و أنواره، فجمال الوجوه من نوره و حنان القلوب من حنانه فنحن لا نملك من أنفسنا شيئاً إلّا بقدر ما يخلع علينا سيدنا و مولانا من أنواره و أسمائه.
فنحن لا نحب في بعضنا إلّا هو.
و هو حاضر لا يغيب و لا يهجر و لا يغدر و لا يغلق بابه في وجه لاجيء و لا يطرد من رحابه ملهوف.
فالواقفون عنده مطمئنون راضون ناعمون لا يخطر لهم الانتحار على بال سعداء في جميع الأحوال.
إنما ينتحر الذي تعلق بغيره.
الذي تعلق بليلاه و معشوقته و ظن أن جمالها منها فتعلق بها لذاتها تعلق عبادة، و أصبح يتوقع منها ما يتوقع عبد من معبود و ربط نفسه بها رباط مصير. و نسى أنها ناقصة كسائر الخلق و محل للتغير و التبدل تتداول عليها الأحوال و التقلبات فتكره اليوم ما أحبته بالأمس و تزهد غداً فيما عشقته اليوم.
و نسى أن جمالها مستعار من خالقها و أنها إعارة لأجل و حينما ينتهي الأجل ستعود أقبح من القبح.
مثل هذا الرجل المحجوب الغافل إذا أفاق على الصحوة المريرة و فاجأه الغدر و التحول، يشعر شعور من فقد كل رصيده و أفلس إفلاس الموت و لم يبق له إلا الانتحار.
و لو أنه رأى جمالها من خالقها لأحب فيها إبداع صنعة الصانع و لكان من أهل التسبيح الذين يقولون عند رؤية كل زهرة.. الله.. فإذا رأوها في آخر النهار ذابلة.. قالوا حقاً لا إله إلا الله.. فحبهم لله و في الله و روابطهم روابط مودة و معروف لا مقصد لها و لا غرض و لا توقع.. فالغدر لا يفاجئهم و الهجر لا يصدمهم و شأنهم كما يقول المثل العامي.. اعمل الخير و ارمه البحر.. يبسطون أيديهم بالمعونة دون حساب لأي عائد و دون توقع لثمرة.
هؤلاء هم أهل السلامة دائماً.
و هم أهل الطمأنينة و السكينة لا تزلزلهم الزلازل و لا تحركهم النوازل.
هم أهل الطمأنينة اليوم.
و هم أهل الطمأنينة يوم الفزع الأكبر.. يوم لا تملك نفس لنفس شيئا، و يوم لا ينفع مال و لا بنون.
و هؤلاء لا يتعلقون إلّا بالله.
و لا يؤملون إلّا في الله.
و لا يتوقعون إلّا من الله.
إن المشكلة هي بالدرجة الأولى مشكلة إيمان.. فكلما وضعت التكنولوجيا في يد الإنسان قوة و ثروة و استغناء ازداد بعداً و غروراً و كبراً و تمرداً، و ازداد تعلقاً و ارتباطاً بالأصنام المادية التي خلقها، و ازداد خضوعاً للملذات التي يسّرها لنفسه.. و تصور أن قوته سوف تعصمه و علمه سوف يحميه فأمعن في غروره.
و هل عصم الجبل ابن نوح من الطوفان ؟!
بل كان من المغرقين.
( فلا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ).
ضع يدك في يد الله و لا تبرح و حسبك من علاقتك بالناس أن تبذل لهم مودتك و رحمتك على غير توقع لشيء.. فذلك هو قارب النجاة في عالم اليوم.. عالم الانتحار و المنتحرين
مقال / الانتحار
من كتاب / أناشيد الإثم والبراءة
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ ليكن بى أسوة حسنة فى إبليس .. الرمز الكامل للكمال المطلق.. هو التمرد الحق , والكبرياءالحق, والطموح الحق والثورة على جميع المبادئ محفوظ عبد الدائم . ❝